وبفتح التاء وضم الباء من النبات (١) ، قوله (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) [٢٠] بالجر عطف على (بِالدُّهْنِ) ، وهو الإدام وهو ما يؤكل بالخبز وإن لم يصبغ اللقمة.
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١))
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ) أي في الإبل والبقر والغنم (لَعِبْرَةً) أي لعظة لمن يعتبر بها (نُسْقِيكُمْ) بضم النون وفتحها (٢)(مِمَّا فِي بُطُونِها) أي من ألبانها التي تخرج من بين فرث ودم (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ) أي في ظهورها من الأصواف والأشعار (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) [٢١] من لحومها وأولادها وألبانها.
(وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣))
(وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ [٢٢] وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) كما أرسلناك إلى قومك (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) [٢٣] أي اتقوه ووحدوه.
(فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥))
(فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي أشرافهم (مِنْ قَوْمِهِ) أي من قوم نوح (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) يأكل ويشرب كما تأكلون وتشربون (يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ) بالرسالة ويترأس (وَلَوْ شاءَ اللهُ) أي يرسل إلينا رسولا (لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا) أي بالتوحيد الذي يدعونا إليه (فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ [٢٤] إِنْ) أي ما (هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ) أي جنون (فَتَرَبَّصُوا) أي انتظروا (بِهِ) ليتبين لكم أمره (حَتَّى حِينٍ) [٢٥] أي حتى يموت أو يفيق من جنونه فننجو منه ، فلما لم يؤمنوا به دعا عليهم بعد العلم به.
(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٢٦))
(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي) أي أعني عليهم باهلاكهم (بِما كَذَّبُونِ) [٢٦] أي بسبب تكذيبهم إياي.
(فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧))
(فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) أي إلى نوح (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) أي بمنظر منا ، يعني بحفظنا ، لأنه كان يعمل في الفلك ولا يخطئ في عملها ولا يفسد عليه مفسد عمله ، وهو نصب على الحال (وَوَحْيِنا) أي بالهامنا إليك ، كيف تصنع أو بأمرنا (فَإِذا جاءَ أَمْرُنا) أي عذابنا (وَفارَ التَّنُّورُ) أي نبع الماء من أسفله وهو لنوح أو كان لآدم فصار إلى نوح ، فلما نبع الماء من التنور أخبرته امرأته (فَاسْلُكْ فِيها) أي ادخل في السفينة (مِنْ كُلٍّ) بالتنوين وبغيره (٣) ، أي من كل أمتي (زَوْجَيْنِ) من كل حيوان (اثْنَيْنِ) الذكر والأنثى ، روي : أنه لم يحمل إلا ما يلد ويبيض (٤)(وَأَهْلَكَ) أي وادخل أهل بيتك (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ) أي وجب (الْقَوْلُ مِنْهُمْ) أي العذاب ، قرن ب «على» السبق الضار كما قرن باللام السبق النافع في قوله (سَبَقَتْ لَهُمْ) من (الْحُسْنى)(٥) ، قيل : هو ابنه كنعان (٦)(وَلا تُخاطِبْنِي) أي لا تراجعني بالدعاء (فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) أنفسهم بترك الإيمان (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) [٢٧] بالطوفان ، وإنما نهاه عن الدعاء لهم النجاة
__________________
(١) «تنبت» : قرأ المكي والبصري ورويس بضم التاء وكسر الباء ، والباقون بفتح التاء وضم الباء. البدور الزاهرة ، ٢١٨.
(٢) «نسقيكم» : قرأ نافع والشامي وشعبة ويعقوب بالنون المفتوحة ، وأبو جعفر بالتاء المفتوحة ، والباقون بالنون المضمومة. البدور الزاهرة ، ١٨٠.
(٣) «كل» : قرأ حفص بتنوين «كل» ، وغيره بلا تنوين. البدور الزاهرة ، ٢١٨.
(٤) نقله المؤلف عن الكشاف ، ٤ / ٩٩.
(٥) الأنبياء (٢١) ، ١٠١.
(٦) أخذه المفسر عن السمرقندي ، ٢ / ٤١٢.