(وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦))
(وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ) أي الكفار (بِالْعَذابِ) أي الأسر والقتل ببدر (فَمَا اسْتَكانُوا) من استفعل من الكون ، ومعنى «استكان» انتقل من كون إلى كون ، أي ما انتقلوا من حالهم وما خضعوا (لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) [٧٦] أي لم يتضرعوا وعادوا إلى كفرهم ، ولم يقل «وما تضرعوا» كقوله (فَمَا اسْتَكانُوا) ليدل على أن من عادتهم أن لا يتضرعوا.
(حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧))
(حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) كالجوع الذي هو أشد من القتل ببدر والأسر (إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) [٧٧] أي آيسون من كل خير ورزق ، وقيل : الإبلاس السكوت مع التحير (١).
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٧٨))
ثم ذكر ما ينبههم به على الاستدلال العقلي ليؤمنوا بالله ويوحدوه من قوله (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ) أي خلق (السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) لتعرفوا هذه النعم وتشكروا ربكم ، وإنما خص هذه الثلاثة لتعلق أكثر المنافع الدينية والدنيوية بها ، فمن لم يعملها فيما خلقت له فهو بمنزلة عادمها (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) [٧٨] أي لم تشكروه لا قليلا ولا كثيرا.
(وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩))
(وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ) أي خلقكم (فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [٧٩] في الآخرة.
(وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠))
(وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي ذهابه ومجيؤه بأمره (أَفَلا تَعْقِلُونَ) [٨٠] صنع ربكم فتوحدوه وتؤمنوا بالبعث الذي أخبركم عنه بالقرآن.
(بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (٨١) قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢))
(بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ [٨١] قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا) أي صرنا (تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) [٨٢] أي انبعث بعد ما كنا ترابا وعظاما.
(لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣))
(لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا) الوعد (مِنْ قَبْلُ) أي قبل محمد صلىاللهعليهوسلم (إِنْ) أي ما (هذا) القول (إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [٨٣] أي أحاديث (٢) بالكذب.
(قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤))
(قُلْ) يا محمد لكفار مكة (لِمَنِ الْأَرْضُ) تحت السماء (وَمَنْ فِيها) من أنواع الخلق (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [٨٤] أن أحدا يفعل ذلك غير الله.
(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥))
(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) لا غير (قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [٨٥] أي ألا تتعظون فتذكرون الأدلة الدالة على الصانع فتؤمنون بأنه قادر على إعادة الخلق بعد الموت.
__________________
(١) أخذه المصنف عن الكشاف ، ٤ / ١٠٧.
(٢) أحاديث ، ح ي : أحاديثهم ، و.