(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧))
(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [٨٦] سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) [٨٧] أي أفلا تخافونه فلا تشركوا به ولا تعصوا رسله.
(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨))
(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) أي خزائنه وقدرة خلقه (وَهُوَ يُجِيرُ) أي يغيث ويؤمن من العذاب (وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) أي لا يغاث عليه أو هو يقضي ولا يقضى عليه (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [٨٨] ذلك.
(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩))
(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [٨٩] أي تخدعون بالشيطان والهوى وتصرفون عن الإيمان بالحق ، قرئ «لله» باللام دون الألف وهو مطابق لقوله (لِمَنِ الْأَرْضُ) ، وقوله «الله» مطابق قوله (مَنْ رَبُّ السَّماواتِ) وكذا قوله «الله» الأخير مطابق لقوله (مَنْ بِيَدِهِ) ، وقرئ الآخيران (١) باللام أيضا حملا على المعنى ، لأنك إذا قلت من رب هذا فكأنك قلت لمن هذا ، فالجواب باللام ليوافق الجواب السؤال.
(بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١))
(بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ) أي بالتوحيد أو بالقرآن (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) [٩٠] في ادعائهم الشريك لله وتكذيب الرسل ، وأكد كذبهم بقوله (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) أي من شريك (٢) ، قوله (إِذاً) يدخل على جواب وجزاء وهو (لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) ولم يتقدمه شرط لكن قوله (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) يدل على شرط محذوف ، تقديره : ولو كان معه آلهة لانفرد كل إله بما خلق واستبد به دون الإله الآخر (وَلَعَلا) أي لغلب (بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) كما ترون حال ملوك الدنيا ولاختل نظام العالم بالتماس بعضهم قهر بعض وبطلب الجمع إلى أمر نفسه كل ما خلق بالاستيلاء ، فحيث لم يختل ، فاعلموا أنه إله واحد بيده ملكوت كل شيء (سُبْحانَ اللهِ) وتعالى ، أي تنزيها له (عن ما (يَصِفُونَ) [٩١] له من الشريك والولد.
(عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢))
(عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي عالم السر والعلانية (فَتَعالى) أي تنزه (عن ما (يُشْرِكُونَ) [٩٢] به مما لا يعلم شيئا من الغيب والشهادة ، قرئ «عالم» بالجر نعت لله في قوله (سُبْحانَ اللهِ) وبالرفع (٣) خبر المبتدأ المحذوف.
(قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤))
(قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي) بزيادة «ما» والنون المؤكدتين أو إن تريني (ما يُوعَدُونَ) [٩٣] من العذاب ، فأمر نبيه عليهالسلام أن يطلب أن لا يقارنه معهم في العذاب بعد علمه بالوعد أنه تعالى يفعله بهم ، يعني إن تريني عذابهم البتة في الدنيا أو في الآخرة (رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي) معذبا (فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [٩٤] بعذابهم ، وكرر (رَبِّ) لفضل تضرع له وإنما أمره بهذا الدعاء مع أنه معصوم هضما لنفسه وإظهارا لعبوديته.
__________________
(١) «سَيَقُولُونَ لِلَّهِ» الثاني والثالث : قرأ البصريان بزيادة وصل وفتح اللام وتفخيمه ورفع الهاء من لفظ الجلال فيهما ، والباقون بحذف همزة الوصل وبلام مكسورة ولام مفتوحة مرققة وخفض الهاء من لفظ الجلالة فيهما ، ولا خلاف بينهم في الأول ، وهو : سيوقولون لله قل أفلا تذكرون أنه بلام مكسورة وأخرى مفتوحة رقيقة مع خفض الهاء. البدور الزاهرة ، ٢٢٠.
(٢) أي من شريك ، و : أي شريك ، ح ي.
(٣) «عالم» : قرأ المكي والبصريان والشامي وحفص بخفض الميم ، والباقون برفعها. البدور الزاهرة ، ٢٢٠.