يُعْلِنُونَ (٧٤) وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٧٥))
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) بتأخير العذاب عنهم بمعاصيهم (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) [٧٣] بذلك حتى يتوبوا (١).
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ) من الكفر من أكن إذا أخفى ، والمراد منه عداوة النبي عليهالسلام (وَما يُعْلِنُونَ) [٧٤] من الكفر باللسان.
(وَما مِنْ غائِبَةٍ) وهي اسم لكل مستتر من العذاب وغيره على العباد (فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [٧٥] أي في اللوح المحفوظ ، يعني قد أحاط به الله تعالى لا يخفى عليه شيء في الوجود ، لأنه أثبته في ذلك الكتاب ، والمبين البين للناظر فيه من الملائكة.
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦))
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ) أي يبين (عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [٧٦] فيما بينهم ، وهو نزل حين اختلف أهل الكتاب في دينهم وفي المسيح عليهالسلام فتحزبوا فيه أحزابا ووقع بينهم التناكر في أشياء كثيرة حتى لعن بعضهم بعضا ، وقد نزل القرآن ببيان أكثر ما اختلفوا فيه لو أنصفوا وأخذوا به وأسلموا (٢) ، وبنو إسرائيل هم الذين في زمان محمد صلىاللهعليهوسلم من اليهود والنصارى.
(وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧))
(وَإِنَّهُ) أي القرآن (لَهُدىً) لمن اتبعه من الضلالة (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [٧٧] من العذاب ولمن أنصف وآمن من بني إسرائيل ومن غيرهم.
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٧٨))
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) أي بين بني إسرائيل أو بين المؤمن والكافر بالقرآن (بِحُكْمِهِ) أي بعدله فسمي المحكوم به وهو عدله حكما لأنه لا يقضي إلا بالعدل (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب فلا يرد حكمه (الْعَلِيمُ) [٧٨] بما يحكم وبمن (٣) يقضى عليه وله.
(فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (٧٩))
(فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي فوض أمرك إليه وثق به ولا تخف منهم فانه ناصرك عليهم (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) [٨٩] أي على الدين الواضح الذي لا يتعلق به الشك وهو الإسلام ، فيجب الوثوق على صاحب الحق بنصرة الله إياه.
(إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠))
(إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) أي الكفار المعاندين لأن سماعهم كلا سماع لعدم انتفاعهم به كالموتى (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ)(٤) إلى الإيمان بآيات القرآن ، وشبهوا بالصم لأنه ينعق بهم فلا يسمعون ، فقوله (إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) [٨٠] أي انصرفوا معرضين عن الحق بالتكذيب تأكيد حال الأصم ، لأنه إذا أدبر عن داعي الحق كان أبعد عن سماع الحق.
(وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٨١))
(وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) وقرئ «تهدي» (٥) ، أي أنت لا تهدي الذين (٦) عميت أبصارهم
__________________
(١) يتوبوا ، ح ي : يؤمنوا ، و.
(٢) عن الكلبي ، انظر البغوي ، ٤ / ٤١٧ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٥٠٤ (عن ابن عباس) ؛ والكشاف ، ٤ / ٢٠٩.
(٣) بمن ، وي : لمن ، ح.
(٤) أي ، + و.
(٥) «بِهادِي الْعُمْيِ» : قرأ حمزة بتاء فوقية مفتوحة وإسكان الهاء ونصب «العمي» ويقف بالياء ، والباقون بباء موحدة مكسورة وفتح الهاء وألف بعدها وجر «العمي» ، وأجمعوا على الوقف على «بهادي» بالياء. البدور الزاهرة ، ٢٣٨.
(٦) الذين ، ح ي : الذي ، و.