ترغيبا لهم في ذلك فأسرعهم (١) قدار بن سالف ، فشد عليها بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض. ورغت رغاة واحدة عظيمة تحذروا لها ، ثم طعن في لبتها فنحرها ، وانطلق سقبها ـ وهو فصيلها ـ فصعد جبلا منيعا ورغا (٢) ثلاثا.
وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عمن سمع الحسن أنه قال : يا رب أين أمي؟ ثم دخل في صخرة فغاب فيها. ويقال : بل اتبعوه فعقروه أيضا.
قال الله تعالى : (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ* فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) وقال الله تعالى :
(إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها* فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) أي احذروها (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها ، وَلا يَخافُ عُقْباها).
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا هشام (٣) ـ أبو عروة ـ عن أبيه عن عبد الله ابن زمعة قال : إذ انبعث أشقاها : انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة» (٤).
أخرجاه من حديث هشام به. عارم : أي شهم. عزيز أي رئيس منيع : أي مطاع في قومه.
وقال محمد بن إسحاق : حدثني يزيد بن محمد بن خشيم ، عن محمد بن كعب ، محمد بن خيثم بن يزيد ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلي : «ألا أحدثك بأشقى الناس؟ قال : بلى. قال : رجلان أحدهما أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذا ـ يعني قرنه ـ حتى تبتل منه هذه ـ يعني لحيته».
رواه ابن أبي حاتم.
وقال تعالى : (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ، وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ). فجمعوا في كلامهم هذا بين كفر بليغ من وجوه :
منها : أنهم خالفوا الله ورسوله في ارتكابهم النهي الأكيد في عقر الناقة التي جعلها الله لهم آية.
__________________
(١) م : فابتدرهم.
(٢) : دعا.
(٣) م : هاشم وهو تحريف.
(٤) حديث صحيح رواه أحمد في مسنده (٤ / ١٧ ، ٢٦٣ / حلبي).
ورواه مسلم في صحيحه (٥١ / ١٣ / ٤٩) بزيادة «ثم ذكر النساء فوعظ فيهم ثم قال : «إلا م يجلد أحدكم امرأته؟».
ورواه البخاري في صحيحه (٦٥ / ٩١ / ٤٩٤٢) بزيادة «ذكر النساء فقال : يعمد أحدكم يجلد امرأته جلد العبد ، فلعله يضاجعها من آخر يومه. ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة وقال : لم يضحك أحدكم مما يفعل» أ. ه.