في دارهم جاثمين ، جثثا لا أرواح فيها ولا حراك بها ، قالوا ولم يبق منهم أحد إلا جارية كانت مقعدة واسمها «كلبة» بنت السلق ـ ويقال لها الذريعة وكانت شديدة الكفر والعداوة لصالح عليهالسلام ، فلما رأت العذاب أطلقت رجلاها ، فقامت تسعى كأسرع شيء ، فأتت حيا من العرب فأخبرتهم بما رأت وما حل بقومها واستسقتهم ماء ، فلما شربت ماتت.
قال الله تعالى : (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها) أي لم يقيموا فيها في سعة ورزق وغناء (أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ) أي نادى عليهم لسان القدر بهذا.
* * *
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : لما مر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحجر قال : «لا تسألوا الآيات وقد (١) سألها قوم صالح فكانت ـ يعني الناقة ـ ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج ، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها فكانت (٢) تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما ، فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله [عزوجل] من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله [عزوجل] قيل : من هو يا رسول الله؟ قال : هو أبو رغال ، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه» (٣).
وهذا الحديث على شرط مسلم وليس هو في شيء من الكتب الستة. والله تعالى أعلم.
وقد قال عبد الرزاق أيضا : قال معمر : أخبرني إسماعيل بن أمية أن النبي صلىاللهعليهوسلم مر بقبر أبي رغال ، فقال : «أتدرون من هذا؟» قالوا : الله ورسوله أعلم.
قال : «هذا قبر أبي رغال ؛ رجل من ثمود ، كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله ، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن ها هنا ، ودفن معه غصن من ذهب. فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم ؛ فبحثوا عنه فاستخرجوا الغصن».
قال عبد الرزاق : قال معمر : قال الزهري : أبو رغال أبو ثقيف.
هذا مرسل من هذا الوجه.
__________________
(١) في المطبوعة والمخطوطة «فقد» وهذا تحريف أثبته من الحديث في المسند.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة «وكانت» وهذا أيضا تحريف وقد أثبته من الحديث.
(٣) الحديث رواه أحمد في مسنده وتفرد به (٣ / / ٢٩٦ / حلبي) وفيه :
محمد بن مسلم أبو الزبير المكي ، صدوق مشهور ، اعتمده مسلم ، وروى له البخاري متابعة. تكلم فيه شعبه لكونه استرجح في وزنه ، قيل : لعله ما أبصر ، وقيل : تركه لأنه رآه يسيء صلاته. وقيل : لأنه خاصمه ففجر. وأما ابن حزم : فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه «عن جابر». وقال ابن حجر : صدوق إلا أنه يدلس ومشهور بالتدليس من الرابعة مات سنة ست وعشرين / ع.
والمغني في الضعفاء للذهبي (٢ / ٦٣٢ ـ ٦٣٣ / ٥٩٨٠). تقريب التهذيب (٢ / ٢٠٧ / ٦٩٧). طبقات المدلسين (٣٢ / مصر).