وقيل : لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالبا.
(وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) أي نعبدك دائما لا يعصيك منا أحد ، فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن لا نفتر ليلا ولا نهارا.
(قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون ، أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصدّيقون والشهداء [والصالحون](١).
ثم بيّن لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها). قال ابن عباس :
هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس : إنسان ، دابة ، وأرض ، وسهل ، وبحر ، وجبل ، وجمل ، وحمار ، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.
وقال مجاهد : علمه اسم الصّحفة ، والقدر ، حتى الفسوة والفسيّة.
وقال مجاهد : علّمه اسم كل دابة ، وكل طير وكل شيء. وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة وغير واحد.
وقال الربيع : علّمه أسماء الملائكة. وقال عبد الرحمن بن زيد : علّمه أسماء ذريته.
والصحيح : أنه علمه أسماء الذّوات وأفعالها مكبّرها ومصغرّها ، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما.
وذكر البخاري هنا ما رواه هو ومسلم من طريق سعيد وهشام عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا [حتى يريحنا من مكاننا هذا] فيأتون آدم فيقولون أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء» (٢) وذكر تمام الحديث.
__________________
(١) سقطت من م.
(٢) الحديث رواه البخاري (٩٧ / ١٩ / ٧٤١٠ / فتح) وتمامه : «... اشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول : لست هناك ـ ويذكر لهم خطيئته التي أصاب ـ ولكن ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. فيأتون نوحا فيقول : لست هناك ـ ويذكر خطيئته التي أصاب ـ ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن. فيأتون إبراهيم فيقول : لست هناك ـ ويذكر لهم خطاياه التي أصابها ـ ولكن ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة وكلمه تكليما. فيأتون موسى فيقول : لست هناك ـ ويذكر لهم خطيئته التي أصابها ـ ولكن ائتوا عيسى عبد الله رسوله وكلمته وروحه فيأتون عييسى فيقول : لست هناك ، ولكن ائتوا محمدا صلىاللهعليهوسلم عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فيأتونني ، فأنطلق ، فأستأذن على ربي فيؤذن لي عليه ، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقال لي : ارفع يا محمد ، قل يسمع ، وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ، ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ، ثم أرجع فأقول يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلب من الخير ما يزن برة ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرة» أه. وما بين الأقواس زيادة ساقطة من المطبوعة والمخطوطة وأثبتها من الحديث في البخاري. رواه مسلم (١ / ٨٤ / ٣٢٢) ورواه الترمذي (٣٨ / ١٠ / ٣٢٣٤).