(ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). قال الحسن البصري : لما أراد الله خلق آدم ، قالت الملائكة : لا يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه فابتلوا بهذا وذلك قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير.
قالوا : (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) أي سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك ، كما قال : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ).
(قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ. فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ؟) أي أعلم السر كما أعلم العلانية.
وقيل إن المراد بقوله : (أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ) ما قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها ، وبقوله :
(وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) المراد بهذا الكلام إبليس حين أسرّ الكبر والتخيرة (١) على آدم عليهالسلام.
قاله سعيد بن جبير ومجاهد والسّدي والضحاك والثوري واختاره ابن جرير.
وقال أبو العالية والربيع والحسن وقتادة : (وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) قولهم : لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه.
وقوله : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ) هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقه بيده ، ونفخ فيه من روحه ، كما قال : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) فهذه ارفع تشريفات : خلقه له بيده الكريمة ، ونفخه من روحه ، وأمره (٢) الملائكة بالسجود له ، وتعليمه أسماء الأشياء.
ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملإ الأعلى وتناظرا كما سيأتي : أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء. وهكذا يقول [له](٣) أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم ، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقال في الآية الأخرى : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ* قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ.)
[٧ / الأعراف : ١١ ـ ١٢]
__________________
(١) و : المنافسة.
(٢) و : وأمر ..
(٣) من و.