هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ* قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ* أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ* تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ)
[٢ / البقرة : ١٣٠ ـ ١٤١]
فنزه الله عزوجل خليله عليهالسلام عن أن يكون يهوديا أو نصرانيا ، وبين أنه إنما كان حنيفا مسلما ولم يكن من المشركين. ولهذا قال تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) يعني الذين كانوا على ملته من أتباعه في زمانه ، ومن تمسك بدينه من بعدهم. «وهذا النبي» يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم ، فإن الله شرع له الدين الحنيف الذي شرعه للخليل ، وكمله الله تعالى له ، وأعطاه ما لم يعط نبيا ولا رسولا من قبله :
كما قال تعالى : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
[٦ / الأنعام : ١٦١ ـ ١٦٣]
وقال تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ* ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
[١٦ / النحل : ١٢٠ ـ ١٢٣]
وقال البخاري : حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام ، عن معمر ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت. ورأى إبراهيم وإسماعيل بأيديهما الأزلام فقال : «قاتلهم الله! والله إن استقسما (١) بالأزلام قط!» (٢).
لم يخرجه مسلم.
وفي بعض ألفاظ البخاري : «قاتلهم الله! لقد علموا أن شيخنا لم يستقسم بها قط» (٣)
__________________
(١) و : لن يستقسما.
(٢) الحديث رواه البخاري (٦٠ / ٨ / ٣٣٥٢ / فتح). ورواه أبو داود (١ / ٤٦٧ / حلبي) ولفظه «قاتلهم الله والله لقد علموا ما استقسما بها قط» قال : ثم دخل البيت فكبر في نواحيه وفي زواياه ثم خرج ولم يصل فيه. ا. ه ورواه أحمد في المسند (١ / ٣٣٤ ، ٣٦٥).
(٣) الحديث رواه البخاري عن ابن عباس (٢٥ / ٥٤ / ١٦٠١ / فتح) ولفظه «قاتلهم الله أما والله قد علموا أنهما لم يستقسما بها قط فدخل البيت فكبر من نواحيه ، ولم يصل فيه» أ. ه وراجع تخريج ما قبله.