وقال الإمام أحمد حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا أبو عقيل ـ هو عبد الله بن عقيل الثقفي ـ حدثنا موسى بن المسيب ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن سبرة بن أبي الفاكه (١) قال :
سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الشيطان قعد (٢) لابن آدم بأطرقه» (٣) وذكر الحديث [كما قدمناه في صفة إبليس](٤).
* * *
وقد اختلف المفسرون في الملائكة المأمورين بالسجود لآدم.
أهم جميع الملائكة كما دل عليه عموم الآيات؟ وهو قول الجمهور.
أو المراد بهم ملائكة الأرض كما رواه ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس؟ وفيه انقطاع وفي السياق نكارة ، وإن كان بعض المتأخرين قد رجحه.
ولكن الأظهر من السياقات الأول ، ويدل عليه الحديث : «وأسجد له ملائكته» وهذا عموم أيضا ، والله أعلم.
وقوله تعالى لإبليس : (فَاهْبِطْ مِنْها) و (اخْرُجْ مِنْها) دليل على أنه كان في السماء فأمر بالهبوط منها ، والخروج من المنزلة والمكانة التي كان قد نالها بعبادته ، وتشبهه بالملائكة في الطاعة والعبادة ، ثم سلب ذلك بكبره وحسده ومخالفته لربه. فأهبط إلى الأرض مذءوما مدحورا.
* * *
وأمر الله آدم عليهالسلام أن يسكن هو وزوجته الجنة فقال : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ).
وقال تعالى : (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ. وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ
__________________
(١) و : فاكه.
(٢) م : يقعد وهذا خطأ وأثبته من الحديث في المسند (٣ / ٤٨٣ / حلبي).
(٣) الحديث رواه النسائي في المجتبي (٦ / ٢١ ، ٢٢ ، التجاية). ورواه أحمد في مسنده (٣ / ٤٨٣ / حلبي) وتمامه : ««أن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك فعصاه ثم أسلم فأقعد له بطريق الهجرة فقال تهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصاه فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمن فعل ذلك كان حقا على الله عزوجل أن يدخله الجنة ومن قتل كان حقا على الله عزوجل أن يدخله الجنة. وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، أه. والحديث فيه : سبرة بن الفاكه : صحابي أسدي ، في إسناد حديثه اختلاف ـ س تقريب التذيب (١ / ٢٨٣ / ٥٢).
(٤) سقطت من المخطوطة وأثبتها من المطبوعة (ح ١ / ٧٣).