بني إسرائيل كلهم ، وكان أشرفهم وأجلهم وأعظمهم يوسف عليهالسلام.
وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أنه لم يكن فيهم نبي غيره ، وباقي إخوته لم يوح إليهم.
وظاهر ما ذكر من فعالهم ومقالهم في هذه القصة يدل على هذا القول.
ومن استدل على نبوتهم بقوله : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) وزعم أن هؤلاء هم الأسباط فليس استدلاله بقوي ، لأن المراد بالأسباط شعوب بني إسرائيل وما كان يوجد فيهم من الأنبياء الذين ينزل عليهم الوحي من السماء والله أعلم.
ومما يؤيد أن يوسف عليهالسلام هو المختص من بين أخوته بالرسالة والنبوة ـ أنه ما نص على واحد من إخوته سواه ، فدل على ما ذكرناه.
ويستأنس بهذا بما قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا عبد الرحمن ، عن عبد الله ابن دينار ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم».
انفرد به البخاري. فرواه عن عبد الله بن محمد وعبدة عن عبد الصمد بن عبد الوارث به وقد ذكرنا طرقه في قصة إبراهيم بما أغنى عن إعادته هنا. ولله الحمد والمنة.
قال المفسرون وغيرهم : رأى يوسف عليهالسلام وهو صغير قبل أن يحتلم ، كأن أحد عشر كوكبا ، وهم إشارة إلى بقية إخوته ، والشمس والقمر وهما عبارة عن أبويه قد سجدوا له ، فهاله ذلك.
فلما استيقظ قصها على أبيه ، فعرف أبوه أنه سينال منزلة عالية ورفعة عظيمة في الدنيا والآخرة ، بحيث يخضع له أبوه وإخوته فيها. فأمره بكتمانها وأن لا يقصها على إخوته ؛ كيلا يحسدوه ويبغوا له الغوائل ويكيدوه بأنواع الحيل والمكر.
وهذا يدل على ما ذكرناه.
ولهذا جاء في بعض الآثار «استعينوا على قضاء حوائجكم بكتمانها ، فإن كل ذي نعمة محسود».
وعند أهل الكتاب أنه قصها على أبيه وإخوته معا. وهو غلط منهم.
(وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) أي وأراك هذه الرؤيا العظيمة ، فإذا كتمتها «يجتبيك ربك» أي يخصك بأنواع اللطف والرحمة ، (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) أي يفهمك من معاني الكلام وتعبير المنام ما لا يفهمه غيرك.