(وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) أي بالوحي إليك (وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ) أي بسببك ، ويحصل لهم بك خير الدنيا والآخرة. (كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) أي ينعم عليك ويحسن إليك بالنبوة ، كما أعطاها أباك يعقوب ، وجدك إسحاق ، ووالد جدك إبراهيم الخليل ، (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) كما قال تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ).
لهذا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما سئل : أي الناس أكرم؟ قال : «يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله».
وقد روى ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما ، وأبو يعلي والبزار في مسنديهما ، من حديث الحكم بن ظهير ـ وقد ضعفه الأئمة ـ عن السدي عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر قال : أتى النبي صلىاللهعليهوسلم رجل من اليهود يقال له : بستانة اليهودي ، فقال : يا محمد أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة له ما أسماؤها؟ قال : فسكت النبي صلىاللهعليهوسلم فلم يجبه بشيء ، ونزل جبريل عليهالسلام بأسمائها؟ قال : فبعث إليه رسول الله فقال : «هل أنت مؤمن إن أخبرتك بأسمائها؟» قال : نعم. فقال : هي جريان ، والطارق ـ والذيال ، وذو الكتفان ، وقابس ، ووثاب ، وعمودان ، والفليق ، والمصبح ، والضروح ، وذو الفرع. والضياء والنور».
فقال اليهودي : إي والله إنها لأسماؤها. وعند أبي يعلى ؛ فلما قصها على أبيه قال : هذا أمر مشتت يجمعه الله ، والشمس أبوه والقمر أمه.
* * *
(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ* إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ، إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ* اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ، وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ * قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ : لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ ، وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ)
[١٢ / يوسف : ٧ ـ ١٠]
ينبه تعالى على ما في هذه القصة من الآيات والحكم ، والدلالات والمواعظ والبينات. ثم ذكر حسد إخوة يوسف له على محبة أبيه له ولأخيه ـ يعنون شقيقه لأمه بنيامين ـ أكثر منهم ، وهم عصبة أي جماعة يقولون : فكنا نحن أحق بالمحبة من هذين (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي بتقديمه حبهما علينا.
ثم اشتوروا فيما بينهم في قتل يوسف أو إبعاده إلى أرض لا يرجع منها ، ليخلوا لهم وجه أبيهم أي لتتمحض محبته لهم تتوفر عليهم ، وأضمروا التوبة بعد ذلك.
فلما تمالئوا على ذلك وتوافقوا عليه (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ) قال مجاهد : هو شمعون ، وقال السدي : هو يهوذا ، وقال قتادة ومغمد بن إسحاق : هو أكبرهم روبيل : (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ