وهذا فيه قوة جيدة ظاهرة في (١) الدلالة على أنها جنة المأوى ، وليست تخلو عن نظر.
وقال آخرون : بل الجنة التي أسكنها آدم لم تكن جنة الخلد ، لأنه كلف فيها ألا يأكل من تلك الشجرة ، ولأنه نام فيها وأخرج منها ، ودخل عليه إبليس فيها ، وهذا مما ينافي أن تكون جنة المأوى.
وهذا القول محكّي عن أبي بن كعب ، وعبد الله بن عباس ووهب بن منبّه وسفيان بن عيينة ، واختاره ابن قتيبة في المعارف ، والقاضي منذر بن سعيد البلوطي في تفسيره وأفرد له مصنفا على حدة. وحكاه عن أبي حنيفة الإمام وأصحابه رحمهمالله. ونقله أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي ابن خطيب الري في تفسيره عن أبي القاسم البلخي وأبي مسلم الأصبهاني ونقله القرطبي في تفسيره عن المعتزلة والقدرية.
وهذا القول هو نص التوراة التي بأيدي أهل الكتاب وممن حكى الخلاف في هذه المسألة أبو محمد بن حزم في الملل والنّحل ، وأبو محمد بن عطية في تفسيره وأبو عيسى الرّماني في تفسيره ، وحكي عن الجمهور الأول ، وأبو القاسم الراغب والقاضي الماوردي في تفسيره فقال : واختلف في الجنة التي أسكناها يعني آدم وحواء على قولين : أحدهما أنها جنة الخلد. الثاني [أنها](٢) جنة أعدها الله لهما وجعلها دار ابتلاء ، وليست جنة الخلد التي جعلها دار جزاء.
ومن قال بهذا اختلفوا على قولين : أحدهما أنها في السماء لأنه أهبطهما منها ، وهذا قول الحسن ، والثاني أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار. وهذا قول ابن يحيى. وكان ذلك بعد أن أمر إبليس بالسجود لآدم ، وألله أعلم بالصواب من ذلك.
هذا كلامه. فقد تضمن كلامه حكاية أقوال ثلاثة ، وأشعر كلامه أنه متوقف في المسألة.
ولهذا (٣) حكى أبو عبد الله الرازي في تفسيره في هذه المسألة أربعة أقوال : هذه الثلاثة التي أوردها الماوردي ، ورابعها ، الوقف وحكي القول بأنها في السماء وليست جنة المأوى ، عن أبي علي الجبّائي.
__________________
إبراهيم خليل الله. قال فيقول إبراهيم لست بصاحب ذلك إنما كنت خليلا من وراء وراء. اعمدوا إلى موسى صلىاللهعليهوسلم الذي كلمه الله تكليما. فيأتون موسى فيقول لست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه فيقول عيسى صلىاللهعليهوسلم : لست بصاحب ذلك فيأتون محمدا صلىاللهعليهوسلم. فيقوم فيؤذن له ، وترسل الأمانة والرحم. فتقومان جنبي الصراط يمينا وشمالا. فيمروا لكم كالبرق. قال قلت : بأبي أنت وأمي أي شيء كمر البرق! قال : ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ثم كمر الريح ثم كمر الطير وشد الرجال. تجري بهم أعمالهم ونبيكم قائم على الصراط المستقيم يقول : رب سلم سلم. حتى تعجز اعمال العباد .. حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا. قال : وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة. مأمورة بأخذ من أمرت به. فمخدوش ناج ومكدوس في النار ،». أه. غريب الحديث. تزلف : تقرب.
(١) و : على.
(٢) و : لأنها
(٣) م : ولقد.