(قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) قال قتادة والسدي : قالوا له كلمة غليظة.
قال الله تعالى : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) أي بمجرد ما جاء ألقى القميص على وجه يعقوب فرجع من فوره بصيرا بعدما كان ضريرا. وقال لبنيه عند (١) ذلك :
(أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) أي أعلم أن الله سيجمع شملي بيوسف ، وسيقر عيني به ، وسيريني فيه ومنه ما يسرني.
فمنذ ذلك (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) طلبوا منه أن يستغفر لهم الله عزوجل عما كانوا فعلوا ونالوا منه ومن ابنه ، وما كانوا عزموا عليه ، ولما كان من نيتهم التوبة قبل الفعل ، وفقهم الله للاستغفار عند وقوع ذلك منهم. فأجابهم أبوهم إلى ما سألوا ، وما عليه عولوا قائلا : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
قال ابن مسعود وإبراهيم التيمي وعمرو بن قيس وابن جريج وغيرهم : أرجأهم إلى وقت السحر. قال ابن جرير : حدثني أبو السائب ، حدثنا ابن إدريس قال : سمعت عبد الرحمن بن إسحاق يذكر عن محارب بن دثار قال : كان عمر يأتي المسجد فسمع إنسانا يقول : «اللهم دعوتني فأجبت ، وأمرتني فأطعت ، وهذا السحر فاغفر لي» قال : فاستمع الى الصوت فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود ، فسأل عبد الله عن ذلك فقال : إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر بقوله : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي).
وقد قال تعالى : (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ).
وثبت في الصحيحين عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول :
هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟». وقد ورد في حديث : «أن يعقوب أرجأ بنيه إلى ليلة الجمعة».
قال ابن جرير : «حدثني المثنى ؛ قال حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب الدمشقي ، حدثنا الوليد ، أنبأنا ابن جريج ، عن عطاء وعكرمة عن ابن عباس ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) يقول : «حتى ليلة الجمعة ، وهو قول أخي يعقوب لبنيه».
وهذا غريب من هذا الوجه ، وفي رفعه نظر. والأشبه أن يكون موقوفا على ابن عباس رضي الله عنهما.
* * *
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ* وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ
__________________
(١) و : بعد ذلك.