الإبل وفصلانها ، وخارت البقر وأولادها ، ثغت الغنم وحملانها وكانت ساعة عظيمة هائلة.
فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته ، عنهم العذاب الذي كان قد اتصل بهم سببه ، ودار على رءوسهم كقطع الليل المظلم.
ولهذا قال تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها) أي هلا وجدت فيما سلف من القرون قرية آمنت بكمالها ، فدل على أنه لم يقع ذلك ، بل كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ). وقوله ؛ (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) أي آمنوا بكاملهم.
وقد اختلف المفسرون : هل ينفعهم هذا الإيمان في الدار الآخرة ، فينقذهم من العذاب الأخروي كما أنقذهم من العذاب الدنيوي؟ على قولين :
الأظهر من السياق نعم. والله أعلم ، كما قال تعالى ؛ (لَمَّا آمَنُوا) وقال تعالى :
(وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ* فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) ، وهذا المتاع إلى حين لا ينفي أن يكون معه غيره من رفع العذاب الأخروي ، والله أعلم.
وقد كانوا مائة ألف لا محالة. واختلفوا في الزيادة. فعن مكحول عشرة آلاف وروى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث زهير عمن سمع أبا العالية : حدثني أبي بن كعب ، أنه سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قوله : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) قال : يزيدون عشرين ألفا ، فلولا هذا الرجل المبهم لكان هذا الحديث فاصلا في هذا الباب.
وعن ابن عباس كانوا مائة ألف وثلاثين ألفا ، عنه : وبضعة وثلاثين ألفا ، عنه وبضعة وأربعين ألفا. وقال سعيد بن جبير : كانوا مائة ألف وسبعين ألفا.
واختلفوا : هل كان إرساله إليهم قبل الحوت أو بعده؟ أو هما أمتان؟ على ثلاثة أقوال : هي مبسوطة في التفسير.
* * *
والمقصود أنه عليهالسلام لما ذهب مغاضبا بسبب قومه ، ركب سفينة في البحر فلجت بهم ، وأضطربت وماجت بهم وثقلت بما فيها ، وكادوا يغرقون على ما ذكره المفسرون.
قالوا : فتشاوروا فيما بينهم على أن يقترعوا ، فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من السفينة ليتخففوا منه.
فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس فلم يسمحوا به ، فأعادوها ثانية فوقعت عليه