(وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) ورق التين.
وهذا إسناد صحيح إليه وكأنه مأخوذ من أهل الكتاب ، وظاهر الآية يقتضي أعم من ذلك ، وبتقدير تسليمه فلا يضر ، والله تعالى أعلم.
وروى الحافظ ابن عساكر من طريق محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن ذكوان ، عن الحسن البصري عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن أباكم آدم كان كالنخلة السحوق ، ستون ذراعا كثير الشعر موارى العورة ، فلما أصاب الخطيئة في الجنة بدت له سوأته ، فخرج من الجنة ، فلقيته شجرة فأخذت بناصيته ، فناداه ربه : أفرارا مني يا آدم؟ قال : بل حياء منك (١) يا رب مما جئت به» (٢).
ثم رواه من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن يحيى بن ضمرة ، عن أبي بن كعب ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم بنحوه.
وهذا أصح ، فإن الحسن لم يدرك أبيّا.
ثم أورده أيضا من طريق خيثمة بن سليمان الأطرابلسي ، عن محمد بن عبد الوهاب أبي مرصافة العسقلاني ، عن آدم بن أبي إياس ، عن سنان ، عن قتادة عن أنس مرفوعا بنحوه.
(وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ ، وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ؟. قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ).
وهذا اعتراف ورجوع إلى الإنابة ، وتذلل وخضوع واستكانة ، وافتقار إليه تعالى في الساعة الراهنة ، وهذا السرّ ما سرى في أحد من ذريته إلا كانت عاقبته إلى خير في دنياه وأخراه.
(قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ، وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) وهذا خطاب لآدم وإبليس ، قيل والحية معهم ، أمروا أن يهبطوا من الجنة في حال كونهم متعادين متحاربين.
وقد يستشهد لذكر الحية معهما بما ثبت في الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه أمر بقتل الحيات ،
__________________
(١) م : بل حياء منك والله يا رب.
(٢) الحديث رواه الطبري في تاريخه (١ / ١٦٠ / معارف). ورواه ابن عساكر (٢ / ٣٥١ / تهذيب التاريخ). ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (١ / ٩ ، ١٠ / التحرير)).
والحديث فيه : الحسن بن ذكوان ، أبو سلمة البصري ، صدوق يخطىء ورمي بالقذف ، وكان يدلس وقال النسائي : ليس بالقوي ، وأما أحمد فقال : «أحاديثه أباطيل». وضعفه يحيى وأبو حاتم.
تقريب التهذيب (١ / ٦٧). المغني في الضعفاء (١ / ١٥٦ / ١٤٠٠).