العظيم ، رب المشرقين والمغربين!
ثم أمره تعالى بإدخال يده في جيبه ، ثم أمره بنزعها فإذا هي تتلألأ كالقمر بياضا من غير سوء ، أي من غير برص ولا بهق ، ولهذا قال : (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ، وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ). قيل معناه : إذا خفت فضع يدك على فؤادك يسكن جأشك.
وهذا وإن كان خاصا به ، إلا أن بركة الإيمان به حق بأن (١) ينفع من استعمل ذلك على وجه الاقتداء بالأنبياء.
وقال في سورة النمل : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ، فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ، إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) أي هاتان الآيتان : هما : العصا واليد ، هما البرهانان المشار اليهما في قوله : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) ومع ذلك سبع آيات أخر. فذلك تسع آيات بينات وهي المذكورة في آخر سورة سبحان ، حيث يقول تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ ، فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً* قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ ، وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً).
وهي المبسوطة في قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ* فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ* وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ* فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ.)
[٧ ـ / الأعراف : ١٣٠ ـ ١٣٣]
سيأتي الكلام على ذلك في موضعه.
وهذه التسع الآيات غير العشر الكلمات ؛ فإن التسع من كلمات الله القدرية ، والعشر من كلماته الشرعية ، وإنما نبهنا على هذا لأنه قد اشتبه أمرها على بعض الرواة ، فظن أن هذه هي هذه ، كما قررنا ذلك في تفسير آخر سورة بني إسرائيل.
* * *
والمقصود أن الله سبحانه لما أمر موسى عليهالسلام بالذهاب إلى فرعون : (قالَ رَبِّ إِنِّي
__________________
(١) و : إلا بأن.