يوم من هذه ؛ وفي هذا نظر. وإن كان إخراجه في غير اليوم الذي خلق فيه ؛ أو قلنا بأن تلك الأيام مقدارها ستة آلاف سنة كما تقدم عن ابن عباس ومجاهد والضحاك ، واختاره ابن جرير ، فقد لبث هناك مدة طويلة.
قال ابن جرير : ومعلوم أنه خلق في آخر ساعة من يوم الجمعة ، والساعة منه ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر ، فمكث مصورا طينا قبل أن ينفخ فيه الروح أربعين سنة ، وأقام في الجنة قبل أن يهبط ثلاثا وأربعين سنة وأربعة أشهر ، والله تعالى أعلم.
وقد روى عبد الرزاق ؛ عن هشام بن حسان ؛ عن سوار خبر عطاء بن أبي رباح : أنه كان لما أهبط رجلاه في الأرض ورأسه في السماء ، فحطه الله إلى ستين ذراعا. وقد روي عن ابن عباس نحوه.
وفي هذا نظر ، لما تقدم من الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال :
«إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن» وهذا يقتضي أنه خلق كذلك لا أطول من ستين ذراعا ، وأن ذريته لم يزالوا يتناقص خلقهم حتى الآن (١).
وذكر ابن جرير عن ابن عباس : أن الله قال : يا آدم إن لي حرما بحيال عرشي ، فانطلق فابن لي فيه بيتا ، فطف به كما تطوف ملائكتي بعرشي ؛ وأرسل الله له ملكا فعرفه مكانه وعلمه المناسك ، وذكر أن موضع كل خطوة خطاها آدم صارت قربة بعد ذلك.
وعنه : أن أول طعام أكله آدم في الأرض ، أن جاءه جبريل بسبع حبات من حنطة ، فقال :
ما هذا؟ قال : هذا من الشجرة التي نهيت عنها فأكلت منها ، فقال : وما أصنع بهذا؟ قال : أبذره في الأرض ، فبذره. وكان كل حبة منها زنتها أزيد من مائة الف ، فنبتت فحصده ، ثم درسه ثم ذراه ، ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه فأكله بعد جهد عظيم وتعب ونكد ، وذلك قوله تعالى : (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى).
وكان أول كسوتهما من شعر الضأن : جزّاه ثم غزلاه ؛ فنسج آدم له جبة ولحواء درعا وخمارا.
واختلفوا : هل ولد لهما بالجنة شيء من الأولاد؟ فقيل : لم يولد لهما إلا في الأرض ؛ وقيل بل ولد لهما فيها ، فكان قابيل وأخته ممن ولد بها (٢) والله أعلم.
وذكروا أنه كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى ، وأمر أن يزوج كل ابن أخت أخيه (٣) التي ولدت معه ؛ والآخر بالأخرى ، وهلم جرا ؛ ولم يكن تحل أخت لأخيها الذي ولدت معه.
__________________
(١) وروى الحديث ابن عساكر أيضا في تاريخه (٢ / ٣٤٥ / تهذيب).
(٢) و : من ولديها.
(٣) م : أخت أخته.