وطوبى لك إن نالك ما وعدت الصابرين اخرج من الدنيا بالله يوم يبعثون (١) وذق مذاقة ما قد حرب منك أين طعمه ، وما لم يأتك كيف لذته ، فرح من الدنيا بالبلغة ، وليكفك منها الخشن الجشب ، وقد رأيت إلى ما يصير ، اعمل على حساب فإنك مسؤول ، لو رأت عيناك (٢) ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك وزهقت نفسك.
وقال أبو داود في كتاب القدر : حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن الزهري ، عن ابن طاووس ، عن أبيه قال : لقي عيسى ابن مريم إبليس فقال : أما علمت أنه لن يصيبك إلا ما كتب لك؟ قال إبليس : فأوف (٣) بذروة هذا الجبل فتردي منه فأنظر هل تعيش أم لا. فقال ابن طاووس : عن أبيه : فقال عيسى : أما علمت أن الله تعالى قال : لا يجربني عبدي فإني أفعل ما شئت. وقال الزهري : إن العبد لا يبتلي ربه ولكن الله يبتلي عبده.
وقال أبو داود : حدثنا أحمد بن عبدة ، أنبأنا سفيان ، عن عمرو ، عن طاووس قال : أتى الشيطان عيسى ابن مريم ، فقال : اليس تزعم أنك صادق؟ فأت هوة (٤) فالق نفسك. قال :
ويلك أليس قال : يا بن آدم لا تسألني هلاك نفسك فإني أفعل ما أشاء!
وحدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، حدثنا حسين بن طلحة ، سمعت خالد بن يزيد ، قال :
تعبد الشيطان مع عيسى عشر سنين أو سنتين ، أقام يوما على شفير جبل فقال الشيطان : أرأيت إن ألقيت نفسي هل يصيبني إلا ما كتب لي. قال : إني لست بالذي ابتلى ربي ، ولكن ربي إذا شاء ابتلاني. وعرفه أنه الشيطان ففارقه.
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا شريح بن يونس ، حدثنا علي بن ثابت ، عن الخطاب بن القاسم ، عن أبي عثمان ، كان عيسى عليهالسلام يصلي على رأس جبل ، فأتاه إبليس فقال : أنت الذي تزعم أن كل شيء بقضاء وقدر؟ قال : نعم. قال : ألق نفسك من هذا الجبل وقل قدر عليّ. فقال : يا لعين! الله يختبر العباد وليس العباد يختبرون الله عزوجل.
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا الفضل بن موسى البصري ، حدثنا إبراهيم بن بشار سمعت سفيان بن عيينة يقول : لقي عيسى ابن مريم إبليس فقال له إبليس : يا عيسى ابن مريم الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكلمت في المهد صبيا ، ولم يتكلم فيه أحد قبلك. قال : بل الربوبية للإله الذي أنطقني ثم يميتني ثم يحييني. قال : فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتى. قال : بل الربوبية لله الذي يحيي ويميت من أحييت ثم يحييه. قال : والله إنك لإله في السماء وإله في الأرض. قال : فصكه جبريل صكة بجناحيه فما نباها دون قرون الشمس. ثم صكه أخرى بجناحيه فما نباها دون العين الحامية ، ثم صكه أخرى فأدخله بحار السابعة فأساخه
__________________
(١) كذا في و : وفي م : يوم بيوم.
(٢) و : عينك.
(٣) م : فارق.
(٤) و : هذه.