وأصبحت مرتهنا بعملي ، فلا فقير أفقر مني! اللهم لا تشمت بي عدوي ولا تسوء بي صديقي ، ولا تجعل مصيبتي في ديني ولا تسلط علىّ من لا يرحمني».
قال الفضيل بن عياض عن يونس بن عبيد ، كان عيسى يقول لا يصيب أحد (١) حقيقة الإيمان حتى لا يبالي من أكل الدنيا!
قال الفضيل : وكان عيسى يقول : فكرت في الخلق فوجدت من لا يخلق أغبط عندي ممن خلق!
وقال إسحاق بن بشر ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، قال : إن عيسى رأس الزاهدين يوم القيامة ، قال : وإن الفرارين بذنوبهم يحشرون يوم القيامة مع عيسى.
قال : وبينما عيسى يوما نائم على حجر قد توسده وقد وجد لذة النوم إذ مر به إبليس فقال :
يا عيسى ألست تزعم أنك لا تريد شيئا من عرض الدنيا؟ فهذا الحجر من عرض الدنيا. قال :
[فقام عيسى](٢) فأخذ الحجر فرمى به إليه وقال : هذا لك مع الدنيا!
وقال معتمر بن سليمان : خرج عيسى على أصحابه وعليه جبة صوف وكساء وتبان حافيا باكيا شعثا مصفر اللون من الجوع يابس الشفتين من العطش فقال : السلام عليكم يا بني إسرائيل ، أنا الذي أنزلت الدنيا منزلتها بإذن الله ولا عجب ولا فخر ، أتدرون أين بيتي؟ قالوا : أين بيتك يا روح الله؟ قال : بيتي المساجد ، وطيبي الماء ، وإدامي الجوع ، وسراجي القمر بالليل ، وصلاتي في الشتاء مشارق الشمس ، وريحاني بقول الأرض ، ولباسي الصوف (٣) ، وشعاري خوف رب العزة ، وجلسائي الزمنى والمساكين ، اصبح وليس لي شيء وأمسي وليس لي شيء وأنا طيب النفس غير مكترث فمن أغنى مني وأربح!
رواه ابن عساكر.
وروي في ترجمة محمد بن الوليد بن أبان بن حبان أبي الحسن العقيلي المصري ، حدثنا هانىء ابن المتوكل الإسكندراني ، عن حيوة بن شريح ، حدثني الوليد بن أبي الوليد ، عن شفي بن ماتع (٤) ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : أوحى الله تعالى إلى عيسى : أن يا عيسى انتقل من مكان إلى مكان لئلا تعرف فتؤذى ، فوعزتي وجلالي لأزوجنك ألف حوراء ولأولمن عليك أربعمائة عام.
وهذا حديث غريب رفعه ، وقد يكون موقوفا من راوية شفي بن ماتع ، عن كعب الأحبار أو غيره من الإسرائيليين والله أعلم.
وقال عبد الله بن المبارك : عن سفيان بن عيينه ، عن خلف بن حوشب. قال : قال عيسى للحواريين : كما ترك لكم الملوك الحكمة فكذلك فاتركوا لهم الدنيا.
__________________
(١) و : لا نصيب حقيقة الإيمان حتى لا نبالي.
(٢) سقطت من م.
(٣) م : الصون.
(٤) و : سفي بن نافع.