وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن رجل ، عن عكرمة قال : قال عيسى : لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير فإن الخنزير لا يصنع باللؤلؤ شيئا ، ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها ، فإن الحكمة خير من اللؤلؤ ومن لا يريدها شر من الخنزير!
وكذا حكي وهب وغيره عنه أنه قال لأصحابه : أنتم ملح الأرض فإذا فسدتم فلا دواء لكم ، وإن فيكم خصلتين من الجهل : الضحك من غير عجب والصبحة من غير سهر.
وعنه أنه قيل له : من أشد الناس فتنة؟ قال : زلة العالم فإن العالم إذا زل يزل (١) بزلته عالم كثير.
وعنه أنه قال : يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رؤوسكم والآخرة تحت أقدامكم ، قولكم شفاء وعملكم داء (٢) مثلكم مثل شجرة الدفلى تعجب من رآها وتقتل من أكلها.
وقال وهب : قال عيسى : يا علماء السوء جلستم على أبواب الجنة فلا تدخلونها ولا تدعون المساكين يدخلونها ، إن شر الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه.
وقال مكحول : التقى يحيى وعيسى ، فصافحه عيسى وهو يضحك فقال له يحيى : يا بن خالة ما لي أراك ضاحكا كأنك قد أمنت؟! فقال له عيسى : ما لي أراك عابسا كأنك قد يئست! فأوحى الله إليهما : إن أحبكما إليّ أبشّكما بصاحبه.
وقال وهب بن منبه : وقف عيسى هو وأصحابه على قبر وصاحبه يدلى فيه ، فجعلوا يذكرون القبر وضيقه فقال : قد كنتم فيما هو ضيق منه في أرحام (٣) أمهاتكم ، فإذا أحب (٤) الله أن يوسع وسع.
وقال أبو عمر الضرير : بلغني أن عيسى كان إذا ذكر الموت يقطر جلده دما.
والآثار في مثل هذا كثيرة جدا. وقد ورد الحافظ ابن عساكر منها طرفا صالحا اقتصرنا منها على هذا القدر. والله الموفق للصواب.
__________________
(١) و : زل.
(٢) م : داوه.
(٣) م : من أرحام.
(٤) و : فإذا أراد.