وقال صفوان بن عمرو : عن شريح بن عبد الله (١) ، عن يزيد بن ميسرة ، قال : قال الحواريون للمسيح : يا مسيح الله انظر إلى مسجد الله ما أحسنه. قال : آمين آمين بحق ما أقول لكم لا يترك الله من هذا المسجد حجرا قائما إلا أهلكه بذنوب أهله ، إن الله لا يصنع بالذهب ولا الفضة ولا بهذه الأحجار التي تعجبكم شيئا إن أحب إلى الله منها القلوب الصالحة وبها يعمر الله الأرض ، وبها يخرب الله الأرض إذا كانت على غير ذلك.
وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخه : أخبرنا أبو منصور بن محمد الصوفي ، أخبرتنا عائشة بنت الحسن بن إبراهيم الوركانية ، قالت : حدثنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن عبد الله بن الهيثم إملاء ، حدثنا الوليد بن أبان إملاء ، حدثنا أحمد بن جعفر الرازي ، حدثنا سهيل بن إبراهيم الحنظلي ، حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز ، عن المعتمر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : مر عيسى عليهالسلام على مدينة خربة ، فأعجبه البنيان فقال : أي رب مر هذه المدينة أن تجيبني. فأوحى الله إلى المدينة : أيتها المدينة الخربة جاوبي عيسى. قال فنادت المدينة :
عيسى حبيبي وما تريد مني؟ قال : وما فعل أشجارك وما فعل أنهارك وما فعل قصورك وأين سكانك؟ قالت : حبيبي جاء وعد ربك الحق فيبست أشجاري ونشفت أنهاري وخربت قصوري ومات سكاني. قال : فأين أموالهم؟ فقالت : جمعوها من الحلال والحرام موضوعة في بطني ، لله ميراث السموات والأرض. قال : فنادى عيسى عليهالسلام : تعجبت (٢) من ثلاث أناس : طالب الدنيا والموت يطلبه ، وباني القصور والقبر منزله ، ومن يضحك ملء فيه والنار أمامه! ابن آدم لا بالكثير تشبع ولا بالقليل تقنع ، تجمع مالك لمن لا يحمدك وتقدم على رب لا يعذرك ، إنما أنت عبد بطنك وشهوتك ، وإنما تملأ بطنك إذا دخلت قبرك ، وأنت يا بن آدم ترى حشد مالك في ميزان غيرك.
هذا حديث غريب جدا وفيه موعظة حسنة فكتبناه لذلك.
وقال سفيان الثوري عن أبيه ، عن إبراهيم التيمي ، قال عيسى عليهالسلام : يا معشر الحواريين اجعلوا كنوزكم في السماء فإن قلب الرجل حيث كنزه.
وقال ثور بن يزيد بن عبد العزيز بن ظبيان قال : قال عيسى ابن مريم عليهالسلام : من تعلم وعلم وعمل دعي عظيما في ملكوت السماء.
وقال أبو كريب : روي أن عيسى عليهالسلام قال : لا خير في علم لا يعبر معك الوادي ويعبر بك النادي.
وروى ابن عساكر بإسناد غريب عن ابن عباس مرفوعا أن عيسى قام في بني إسرائيل فقال :
يا معشر الحواريين لا تحدثوا بالحكم غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ، والأمور ثلاثة : أمر تبين رشده فاتبعوه وأمر تبين غيه فاجتنبوه ، وأمر اختلف عليكم فيه فردوا علمه إلى الله عزوجل.
__________________
(١) و : ابن عبيد الله.
(٢) م : فعجبت.