قال ابن أبي حاتم : حدثنا احمد بن سنان. حدثنا أبو معاوية ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج على أصحابه وفي البيت اثنا عشر رجلا منهم من الحواريين ، يعني فخرج عليهم من عين في البيت ورأسه يقطر ماء فقال : إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي ، ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني فيكون معي في درجتي؟ فقام شاب من أحدثهم سنا فقال له : أجلس. ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : أنا. فقال : أنت هو ذاك. فألقى عليه شبه عيسى ، ورفع عيسى من روزنه في البيت إلى السماء.
قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه فكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد ان آمن به وافترقوا ثلاث فرق ، فقالت طائفة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء.
وهؤلاء اليعقوبية. وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه وهؤلاء النسطورية.
وقالت فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ثم رفعه الله إليه. وهؤلاء المسلمون ، فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا صلىاللهعليهوسلم.
قال ابن عباس : وذلك قوله تعالى : (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ)(١).
وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس على شرط مسلم ، ورواه النسائي عن أبي كريب ، عن أبي معاوية به نحوه ، ورواه ابن جرير عن مسلم بن جنادة عن أبي معاوية.
وهكذا ذكر غير واحد من السلف ، وممن ذكر ذلك مطولا محمد بن إسحاق بن يسار (٢).
قال : وجعل عيسى عليهالسلام يدعو الله عزوجل أن يؤخر أجله ، يعني ليبلغ الرسالة ويكمل الدعوة ويكثر الناس الدخول في دين الله قيل : وكان عنده من الحواريين اثنا عشر رجلا :
بطرس ويعقوب بن زبدا ويحنس أخو يعقوب ، وأندراوس ، وفليبس ، وابرثلما ، ومتى ، وتوماس ، ويعقوب بن حلقيا ، وتداوس ، وفتاتيا ، ويودس كريايوطا ، وهذا هو الذي دل اليهود على عيسى.
قال ابن إسحاق : وكان فيهم رجل آخر اسمه سرجس كتمته النصارى وهو الذي ألقي شبه المسيح عليه فصلب عنه. قال : وبعض النصارى يزعم أن الذي صلب عن المسيح وألقي عليه شبهه هو يودس بن كريايوطا والله أعلم.
وقال الضحّاك عن ابن عباس : استخلف عيسى شمعون وقتلت اليهود يودس الذي القي
__________________
(١) الحديث رواه ابن كثير في التفسير (٤ / ٣١ / عمدة التفاسير). وقال محققه الشيخ أحمد شاكر : «القصة التي رواها ابن أبي حاتم عن ابن عباس ، ذكرها السيوطي (٢ / ٢٣٨). ونسبها لعبد بن حميد وابن مردويه. وصيغتها وسياقها تضعها موضع الشك في صحة نسبتها لابن عباس وإن كان إسنادها إليه صحيحا. وليس عليها ضوء كلام ذلك العصر الزاهر ، عصر الصحابة. ولعلها من أوهام المنهال بن عمرو الأسدي ، راويها عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. بل إنها لا ترتفع إلى مرتبة الإسرائيليات التي تنسب إلى اليهود ، فإن اليهود لعنهم الله ـ يقولون غير ذلك. أ. ه.
(٢) م : ابن بشار.