عليه الشبه.
وقال أحمد بن مروان : حدثنا محمد بن الجهم ، قال : سمعت الفراء يقول في قوله :
(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ ، وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) قال : إن عيسى غاب عن خالته زمانا فأتاها ، فقام رأس الجالوت اليهودي فضرب على عيسى حتى اجتمعوا على باب داره فكسروا الباب ودخل رأس جالوت ليأخذ عيسى فطمس الله عينيه عن عيسى ، ثم خرج إلى أصحابه فقال لم أره. ومعه سيف مسلول. فقالوا : أنت عيسى وألقى الله شبه عيسى عليه فأخذوه فقتلوه وصلبوه ، فقال جل ذكره : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ).
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن هارون بن عنترة ، عن وهب بن منبه ، قال : أتى عيسى ومعه سبعة عشر من الحواريين في بيت فأحاطوا بهم ، فلما دخلوا عليهم صورهم الله كلهم على صورة عيسى فقالوا لهم : سحرتمونا لتبرزن إلينا عيسى أو لنقتلنكم جميعا.
فقال عيسى لأصحابه. من يشتري منكم اليوم نفسه بالجنة (١) فقال رجل : أنا. فخرج إليهم فقال : أنا عيسى. وقد صوره الله على صورة عيسى ، فأخذوه فقتلوه وصلبوه فمن ثم شبه لهم وظنوا أنهم قد قتلوا عيسى ، فظنت النصارى مثل ذلك أنه عيسى ، ورفع الله عيسى من يومه ذلك.
قال ابن جرير (٢) : وحدثنا المثني ، حدثنا إسحاق ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني عبد الصمد بن معقل ، أنه سمع وهبا يقول : إن عيسى ابن مريم لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا جزع من الموت وشق عليه ، فدعا الحواريين وصنع لهم طعاما فقال : أحضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة. فلما اجتمعوا إليه من الليل عشاهم وقام يخدمهم ، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه ، فتعاظموا ذلك وتكارهوه فقال : من رد عليّ شيئا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه. فأقروه حتى إذا فرغ من ذلك قال : أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم (٣) على الطعام وغسلت أيديكم بيدي فليكن لكم بي أسوة ، فإنكم ترون أني خيركم فلا يتعظم بعضكم على بعض ، وليبذل بعضكم لبعض نفسه ، كما بذلت نفسي لكم ، وأما حاجتي التي استعنتكم عليها فتدعون الله [لي](٤) وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي.
فلما نصبوا أنفسهم للدعاء وأرادوا أن يجتهدوا أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء ، فجعل يوقظهم ويقول : سبحان الله أما تصبرون لي ليلة واحدة تعينوني فيها؟ فقالوا : والله ما ندري ، ما لنا ، والله لقد كنا نسمر فنكثر السمر وما نطيق الليلة سمرا ، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه فقال : يذهب بالراعي وتتفرق الغنم! وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه.
__________________
(١) و : من يرى اليوم الجنة.
(٢) تاريخ الطبري (١ / ٦٠١ ، ٦٠٢ / معارف).
(٣) و : مما حدثتكم.
(٤) من و.