وقال كعب الأحبار : ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم ، لحيته سوداء إلى سرته. وليس أحد يكنى في الجنة إلا آدم ؛ كنيته في الدنيا أبو البشر وفي الجنة أبو محمد.
وقد روى ابن عدي من طريق شيخ ابن أبي خالد ، عن حماد بن سلمة ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله مرفوعا : أهل الجنة يدعون بأسمائهم إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد.
ورواه ابن عدي أيضا من حديث علي بن أبي طالب وهو ضعيف من كل وجه. والله أعلم.
وفي حديث الإسراء الذي في الصحيحين ؛ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما مر بآدم وهو في السماء الدنيا ، قال له مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، قال : وإذا عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة ، فإذا نظر عن يمينه ضحك ، وإذا نظر عن شماله بكى ، فقال يا جبريل ما هذا؟ قال هذا آدم وهؤلاء نسم بنيه ، فإذا نظر قبل أهل اليمين ـ وهم أهل الجنة ـ ضحك ، وإذا نظر قبل أهل الشمال ـ وهم أهل النار ـ بكى (١).
وهذا معنى الحديث.
وقال أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثني يزيد بن هارون ، أنبأنا هشام بن حسان عن الحسن قال : كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده.
وقال بعض العلماء في قوله صلىاللهعليهوسلم : «فمررت بيوسف وإذ هو قد أعطى شطر الحسن» قالوا : معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليهالسلام وهذا مناسب ، فان الله خلق آدم وصوره بيده الكريمة ، ونفخ فيه من روحه ، فما كان ليخلق إلا أحسن الأشياء.
وقد روينا عن عبد الله بن عمر وابن عمر أيضا موقوفا ومرفوعا : أن الله تعالى لما خلق الجنة ، قالت الملائكة : يا ربنا اجعل لنا هذه ، فإنك خلقت لبني آدم الدنيا يأكلون فيها ويشربون ، فقال الله تعالى : وعزتي وجلالي لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان.
__________________
(١) الحديث رواه مسلم في صحيحه (١ / ٧٤ / ٢٦٣) ونصه : عن أنس بن مالك قال : كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «فرج سقف بيتي وأنا بمكة. فنزل جبريل عليهالسلام. ففرج صدري. ثم غسله من ماء زمزم. ثم جاء بطست من ذهب ممتلىء حكمة وإيمانا. فأفرغها في صدري. ثم أطبقه. ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا قال جبريل عليهالسلام لخازن السماء الدنيا ؛ افتح. قال : من هذا؟ قال : هذا جبريل : قال هل معك أحد؟ قال : نعم. معي محمد صلىاللهعليهوسلم. قال : افأرسل إليه؟ قال : نعم. ففتح قال : فلما علونا السماء الدنيا فإذا رجل عن يمينه أسودة. وعن يساره أسودة. قال : فإذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى. قال فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح : قال قلت : يا جبريل من هذا؟ قال هذا آدم صلىاللهعليهوسلم. وهذا الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه. فأهل اليمين أهل الجنة. والأسودة التي على شماله أهل النار. فإذا نظر قبل يمينه ضحك. وإذا نظر قبل شماله بكى. قال ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية. فقال لخازنها. افتح. قال فقال له خازنها مثل ما قال خازن السماء الدنيا. ففتح» أه.
ورواه البخاري في صحيحه (٦٠ / ٥ / ٣٣٤٢ ـ فتح).