وهكذا رواه الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم عند هذه الآية ، وأخرجه الحاكم في مستدركه ، كلهم من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث به ، فقال الحاكم :
صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقال الترمذي حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم ، ورواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه.
فهذه علة قادحة في الحديث أنه روي موقوفا على الصحابي وهذا أشبه. والظاهر أنه تلقاه من الإسرائيليات ، وهكذا روي موقوفا عن ابن عباس. والظاهر أن هذا متلقى عن كعب الأحبار وذويه (١) والله أعلم.
وقد فسر الحسن البصري هذه الآيات بخلاف هذا ، فلو كان عنده عن سمرة مرفوعا لما عدل عنه إلى غيره. والله أعلم.
وأيضا فالله تعالى إنما خلق آدم وحواء ليكونا أصل البشر ، وليبث منهما رجالا كثيرا ونساء ، فكيف كانت حواء لا يعيش لها ولد ذكر في هذا الحديث إن كان محفوظا؟!
والمظنون بل المقطوع به أن رفعه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم خطأ ، والصواب وقفه والله أعلم. وقد حررنا هذا في كتابنا التفسير ولله الحمد.
ثم قد كان آدم وحواء أتقى لله مما ذكر عنهما في هذا ؛ فإن آدم أبو البشر الذي خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ، وعلمه أسماء كل شيء وأسكنه جنته.
وقد روى ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال :
«مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا» قلت : يا رسول الله كم الرسل منهم؟ قال : «ثلاثمائة وثلاثة عشر : جم غفير» قلت يا رسول الله من كان أولهم؟ قال : آدم. قلت : يا رسول الله نبي مرسل؟ قال : «نعم خلقه الله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم سواه قبلا».
وقال الطبراني : حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا نافع بن هرمز ، عن عطاء بن رباح ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا أخبركم بأفضل الملائكة : جبريل ، وأفضل النبيين آدم ، وأفضل الأيام يوم الجمعة ، وأفضل الشهور شهر رمضان ، وأفضل الليالي ليلة القدر ، وأفضل النساء مريم بنت عمران» (٢)
وهذا إسناد ضعيف ، فإن نافعا أبا هرمز كذبه ابن معين ، وضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وابن حبان وغيرهم والله أعلم.
__________________
(١) م : ودونه.
(٢) الحديث رواه السيوطي في الفتح الكبير (١ / ٤٧٤) وقال : رواه الطبرائي عن ابن عباس.
وفيه نافع بن هرمز ، عن أنس والحسن ، متروك ، قال النسائي : ليس بالثقة.
المغني في الضعفاء (٢ / ٦٩٣ / ٦٥٨٨).