وجوابا. ولا ينبغى أن يفهم من قولنا ، فى الهليّة البسيطة الحقيقيّة ، الإنسان متجوهر أو العقل متقرّر ، مثلا ، أنّه ريم بذلك ثبوت التّجوهر والتّقرّر للموضوع ، بل إنّه عنى إعطاء التّصديق بنفس تجوهر الموضوع فى ذاته وتقرّره فى سنخه المستتبع للكون المصدرىّ المنتزع. وإنّما تجشّم إيراد المحمول للضّرورة العقديّة ، فإنّ طباع العقد يتضمّنه وطباع التّصديق يقتضي التّعلّق بالعقد ، لا لأنّه حوول حمل مفهوم ما عليه ، سواء كان نفسه أو شيئا من ذاتيّاته أو من عوارض ذاته ، حتّى يصير العقد هليّا مركّبا.
فالعقل يخترع مفهوما وراء ما قصد الحكاية به وحاول إعطاء التّصديق به للضّرورة اللاّحقة للقصد من جهة طباع العقد ، لا بالقصد الأوّل.
وأمّا فى الهليّة المركّبة ، فإنّه يحاول لحاظ الموضوع والمحمول بالقصد الأوّل وإن كان المحمول نفس الموضوع ، كما فى حمل الشّيء على نفسه ، إذ حيث يقصد الحكم على الشّيء بنفسه ، فيلحظه مرّتين بلحاظ بعينه فى حيّز الموضوعيّة وفى حيّز المحموليّة بالقصد الأوّل.
فإذن ، قد استبان لك أنّ اعتبار المحمول فى الهليّة المركّبة بالقصد الأوّل وفى الهليّة البسيطة ليس من جهة طباع ما تعلّق به القصد ، بل من جهة أنّ طباع العقد لا يسع ما قصد إعطاؤه إلاّ بذلك الاعتبار.
<٦> إضاءة اساسيّة
الوجود الرّابطىّ يقع بحسب اصطلاح الصّناعة على معنيين باشتراك اللّفظ :
أحدهما : ما يقابل الوجود المحمول ، أى : وجود الشّيء فى نفسه ، على ما يستعمل فى مباحث الموادّ. وهو ما يقع رابطة فى الهليّة الحمليّة وراء النّسبة الحكميّة الاتّحاديّة الّتي هى فى جملة العقود (٥٣) ، وحدّه : وجود الشّيء شيئا ، ويباين بالحقيقة النوعيّة الوجود المحمول ، أى : تحقّق الشّيء فى نفسه الّذي حدّه :