وجود الشّيء على الإطلاق.
والآخر : ما هو أحد اعتبارى وجود الشّيء الّذي هو من الحقائق النّاعتيّة فى نفسه. وليس معناه إلاّ تحقّق الشّيء فى نفسه. ولكن على أن يكون فى محلّ ، أو نعتا لشيء. أو حاضرا عند شيء ، أو غير ذلك ؛ أعنى بذلك : أنّ تحقّقه فى نفسه على هذه الجهة ، لا بأن يكون لذاته ، كما فى تحقّق الحقيقة القائمة بنفسها على سبيل شأن القيود المحصّلة للطّبائع المبهمة ، لا أنّه المعنى الرّابط الّذي هو تحقّق الشّيء شيئا.
وذلك كما يقال : وجود البياض فى الجسم ، أو وجود المعلول للعلّة ، أو وجود المعلوم عند العالم ؛ إذ المراد هو وجود البياض فى نفسه ، ولكن فى الجسم ؛ إذ وجود العرض فى نفسه هو بعينه وجوده فى موضوعه ووجود المعلول فى نفسه. ولكن على أن يكون منتسبا إلى العلّة.
فمن المتحقّق أنّ وجود المعلول فى نفسه من حيث هو معلول هو بعينه وجوده منتسبا إلى علّته ووجود المعلوم فى نفسه ، ولكن بما هو مشكوف لدى العالم.
فإذن ، هذا الوجود الرّابطىّ ليس طباعه أن يباين تحقّق الشّيء فى نفسه بالذّات ، بل إنّه أحد اعتباراته الّتي هو علّتها وأمّا الوجود الرّابطىّ الّذي هو أحد الرّابطين فى الهليّات المركّبة من العقود. ففى طباع نفس مفهومه أن لا يفيد تحقّق الشّيء فى نفسه.
وإنّى لست أعنى بقولى هذا : أنّ الوجود الرّابطىّ بالمعنى الأوّل بما هو كذلك يقع فى الهليّات البسيطة حتّى يكون قولنا : «البياض موجود فى الجسم» عقدا هليّا بسيطا ؛ فإنّ ذلك لا يكاد يصحّ بوجه ؛
بل إنّما أعنى : أنّ وجود الشّيء النّاعتيّ له صلوح أن يجرّد فى لحاظ العقل عن ذلك الاعتبار ، ويؤخذ من حيث هو تحقّق ذلك الشّيء فى نفسه. ويعقد هليّ بسيط ، فيقال: «البياض موجود».