على تقدير جعل الوجود رابطة يكون غير الثابت على تقدير جعل الوجود رابطة ـ وهم سخيف متفرع عن أخذ قولنا : «زيد معدم» مثلا موجبا ، وجهالة أنّه ينعزل بذلك عن أن يكون سلبا لقولنا «زيد موجود» ؛ ويرجع العقد إلى موجب سالب المحمول والحكم إلى إيجاب سلب الوجود. ولذلك يختلف العقدان بحسب العنصر. فأيّ مفهوم اخذ ، فإنّ له ، بما هو محمول ، حالا عند الموضوع بالنّسبة الإيجابيّة لا يتغيّر عند سلب تلك النّسبة.
فكما أنّ حال زيد فى نفسه بإيجاب الوجود ، أى عنصر هليّته البسيطة بحسب الاستحقاق واللاّاستحقاق ، لا يختلف فى نفس الأمر ، سواء أوجب أو سلب ؛ فكذلك حال ثبوت سلب الوجود لزيد ، أى حال مفهوم سلب الوجود بالقياس إلى زيد بالنّسبة الإيجابيّة. وهو عنصر هليّته المركّبة بحسب الاستحقاق واللاّاستحقاق بذلك لا ينقلب فى نفس الأمر ، سواء اوجب أو سلب.
ولا ينبغى أن يؤخذ «زيد معدوم» حين ما يرام سلب وجوده فى نفسه عقدا إيجابيّا ، بل يجب أن يعنى به انتفاؤه فى نفسه وسلب ذاته فى وجوده ، ليكون العقد من سوالب الهليّات البسيطة ، لا ثبوت سلب الوجود له ، حتّى يصير العقد موجبا من الهليّات المركّبة الإيجابيّة ؛ ولا سلب (٥٧) الوجود عنه ؛ ولا سلب نفسه عن نفسه ، حتى يرجع إلى أن يكون من سوالب الهليّات المركّبة.
ولذلك ما يقول شركاؤنا السّالفون من الحكماء الأقدمين أنّ محمول العقد الحملىّ ؛ سواء كان موجبا أو سالبا ، قد يكون ثبوتيّا وقد يكون عدميّا فى الخارج.
وأمّا فى الذّهن ، فلا بدّ وأن يكون ثابتا ، لاستحالة الحكم بما يكون متصوّرا. وأمّا موضوعه ، سواء كان موجبا أو سالبا ، فلا بدّ وأن يكون له ثبوت فى الذّهن ، لاستحالة الحكم على ما لا يكون متصوّرا.
وأمّا فى الخارج ، فكذلك إذا كان الحكم بالإيجاب فى الخارج لاستدعائه وجود الموضوع ؛ لأنّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوته فى نفسه. اللّهمّ إلاّ إذا كان المحمول فى معنى السّلب المطلق ، نحو : «زيد معدوم فى الخارج» أو «شريك الإله ممتنع» ؛