فإنّه وإن اضيف إلى الخارج لكنّه نفس السّلب عن الخارج ، فكأنّه قيل : «زيد المتمثّل فى الذّهن ليس فى الخارج». وإذا كان الحكم بالسّلب عن المعدوم فلا يقتضي وجود الموضوع فيه ، لجواز سلب المعدوم والسّلب عن المعدوم.
ومن لم يفرّق بين مسلكى الهليّتين ـ وظنّ أنّ سبيل طباع العقد مطلقا إعطاء ثبوت شيء لشيء ، أو سلب شيء عن شيء ، ولم يصدّق : أنّ قولنا : «وجد الفلك» مثلا ، يعطى تحقّق ذات الفلك ، لا تحقّق أمر له هو وجوده ، وكذلك قولنا : «عدم الفلك» ، يعطى بطلان ذاته ، لا انعقاد صفة عنه هى الوجود. وأمّا قولنا : «تحرّك الفلك» ، فإنّه يعطى ثبوت صفة للفلك ، يعبّر عنها بالحركة ، وكذلك قولنا : «سكن الفلك» ، يعطى انسلاب صفة عن الفلك ، هى الحركة ؛ ولم يجعل بإزاء المرتبة الّتي هى قبل مرتبة إثبات شيء لشيء ، وهى مرتبة ثبوته فى نفسه عقلا ، وأرجع ثبوته فى نفسه إلى ثبوت شيء له ـ فهو فاسد طباع الإنسانيّة ؛ فليصلح مزاج غريزته ، وليدبّر طباع عقله.
<١١> تكشاف
الشّيء الموضوع فى العقد إذا كان ضرورىّ التّجوهر ويلزمه أن يكون ضرورىّ الوجود فى نفسه ، أو المحمول ضرورىّ الوجود له ، كان الشيء الواجب إمّا باعتبار نفسه أو بحسب ثبوت المحمول له وعنصر العقد الوجوب.
وإن كان ضرورىّ اللاّتجوهر ويلزمه أن يكون ضرورىّ العدم أو المحمول ضرورىّ الانسلاب عنه كان هو الممتنع وعنصر العقد الامتناع.
وإن لم يكن ضرورىّ التّجوهر ولا ضرورىّ اللاّتجوهر ويلزمه أن لا يكون ضرورىّ الوجود ولا ضرورىّ سلب الوجود أو لم يكن ضرورىّ انبتات المحمول له ولا ضرورىّ انسلابه عنه كان هو الممكن ، وعنصر العقد الإمكان ، ولا يكون شيء من المفهومات التّصوريّة ، ولا شيء من العقود عروا منها ، بل كلّ مفهوم أو عقد ، فإنّ له واحدا من هذه العناصر ، وأمّا الجهات فمتكثّرة غير محصورة فيها.