الاعتبار ، ولكن لا يتناوله من حيث العموم ، إذ العقد من حيث بيّن فيه حكم إنّما يتناول ما يكون مشتملا على حكم قد حصل بالفعل ولا يتناول ما يكون مشتملا على حكم لم يحصل إلاّ بالقوّة.
فالعقد المطلق يدلّ على ثبوت النّسبة بالفعل والممكن لا يدلّ على وقوع النّسبة ؛ لجواز أن يبقى بالقوّة دائما. فلا حكم فيه بالفعل ، فهو لا يعمّ الممكن من حيث هو ممكن. فإذن الإمكان مغاير للإطلاق العامّ من حيث العموم والاعتبار جميعا.
<١٣> حكمة ميزانيّة يمانيّة
إنّ أسبق شركائنا السّالفين وهو رئيس مشّائيّة الإسلام فى السّابقين قال فى باريرميناس الشفاء : إنّ حقّ الجهة أنّ تقرن بالرّابطة. وذلك لأنّه جهة رابطة للمحمول على شيء مطلقا أو بسور معمّم أو مخصّص. فالسّور مبيّن لكميّة حمل مكيّف الرّبط. فإذا قلنا : «كلّ إنسان يمكن أن يكون كاتبا» فهو الطبيعيّ.
ومعناه : أنّ كلّ واحد من النّاس يمكن أن يكون كاتبا ؛ فإن قرن بالسّور ولم يرد به إزالة عن الموضع الطبيعىّ ، على سبيل التّوسّع ، بل اريد به الدّلالة على أنّ موضعها الطبيعىّ مجاورة السّور لم يكن جهة للرّبط بل جهة للتّعميم والتّخصيص ، وتغيّر المعنى وصار الممكن هو أن يكون كلّ واحد واحد من النّاس كافّتهم كاتبا ممكنا. والدّليل على تغيّر المعنى أنّ الأوّل لا يشكّ فيه عند جمهور النّاس ؛ فإنّ كل واحد واحد من النّاس يعلم أنّه لا يجب له فى طبيعته دوام كتابة أو غير كتابة.
وأمّا قولنا : يمكن أن يكون كلّ إنسان كاتبا ، على أنّ الإمكان جهة الكلّيّة والسّور ، فقد يشكّ فيه ؛ فإنّ من النّاس من يقول : محال أن يكون كلّ الناس كاتبين ، أى : محال أن يوجد أنّ كلّ إنسان هو كاتب حتى يكون اتفق أن لا واحد من النّاس إلاّ وهو كاتب. فإذن بين المعنيين فرقان.
وأمّا فى الجزئيّات ، فإنّ الأمرين فيهما يجريان مجرى واحدا فى الظهور