والخفاء. ولكنّه قد يعلم مع ذلك أنّ بين المعنيين خلافا إذا رجع إلى حقيقة المفهوم واستعين فيه باعتبار الكليّة.
وأمّا السّلب الكلّيّ ، فليس فى لغة العرب ما يدلّ بالحقيقة على السّلب الممكن العامّ ، بل المتعارف فيها إنّما يدلّ على إمكان سلب العامّ.
ولذلك يشكل أن يقال : يمكن أن لا يكون واحد من النّاس كاتبا. فلقائل أن يقول : إنّ هذا لا يمكن أن يصدق البتة ، بل يجب أن توجد الصّناعات فى بعض لا محالة.
وليس كلامنا فى أنّ هذا القول حقّ وباطل ، فليست معرفة هذا من صناعة المنطق ، بل غرضنا أنّ الأمر الّذي قد يقع فيه شكّ ليس هو الأمر الّذي لا يقع فيه. والّذي لا يقع فيه شكّ هو إمكان سلب الكتابة عن كلّ واحد واحد. لكنّه لا يوجد فى لغة العرب ما يدلّ على هذا إلاّ بالإيجاب ، كقولهم : «كلّ واحد من النّاس يمكن أن لا يكون كاتبا».
ونحن نقول : كلامه فى السّلب الكلىّ : أنّ الجهة ، كالإمكان العامّ ، مثلا ، إذا قرنت بالسّور ، كقولهم : «بالإمكان لا شيء من الإنسان يكون كاتبا» ، كانت جهة لاستغراق السّلب وعمومه ، لا لكون كلّ واحد من الآحاد مسلوب الكتابة (٥٩) عنه فى طبيعته ، فكان الّذي يفاد بذلك القول هو أنّه يمكن أن يستغرق سلب الكتابة جميع النّاس كافّة. وليس هو ما ريم بالعقد ، كما قال فى الإيجاب. وإن قرنت بالرّابطة ، كقولهم : «لا شيء من الإنسان يمكن أن يكون كاتبا» كان السّلب واردا على جهة الرّبط الإيجابيّ ، فكان العقد يعطى سلب الإمكان العامّ للرّبط الإيجابيّ ، لا الإمكان العامّ لذلك السّلب.
والسّرّ فى ذلك أنّه ليس فى السّالب ربط حقيقة ، بل الرّبط فيه عبارة عن قطع الرّبط الإيجابيّ. فإذا جاورت الجهة الرّبط فيه كانت جهة للرّبط الإيجابيّ وكان السّلب قاطعا لذلك الرّبط الّذي جهته تلك. فكانت جهة الرّبط الإيجابيّ مسلوبة ، لا لسلب الرّبط موجّها.