يكون السّلب ذو الجهة هو ما يعطيه السّالب ؛ كقولنا ؛ «ليس زيد يكون كاتبا» ، بل ما يعطيه الموجب السّالب المحمول ، كقولنا : «زيد يكون ليس بكاتب». وهو يلزم السّالب بحسب وجود الموضوع.
وبما عرّفناك ، يمتحق ما يغتال الأوهام بعدم اشتراط الإيجاب فى صغرى السّياق الأتمّ الأخيرة من ذنابته ، أى السّياق الثّالث ، لأنّه إذا قيل : «ج ليس هو ب. وكلّ ما ليس ب أ» أنتج : «بالضّرورة : فج هو أ».
وقد سبق بذلك فريق من المنتسبين إلى التّشبّه بأهل العلم إلى الغواية ، فوقع فى ظنونهم : أنّ الحقّ أنّ الموجبة الّتي تشترط فى إنتاج السّياقين لا يجب أن يكون موضوعها موجودا محقّقا أو مقدّرا ، لأنّه متى صدق نسبة اعتبار إلى مفهوم وجودىّ أو عدمىّ وتكرّر ذلك الاعتبار فى الكبرى أنتج القياس قطعا. فإذا صدق سلب محمول عن موضوع وصدق أمر على كلّ ما صدق عليه ذلك السّالب ، فقد أنتج لحصول الاندراج ؛ وإن كانت الصّغرى سالبة. نعم إذا لم يتكرّر حرف السّلب مع ما بعده فى الكبرى لا ينتج القياس شيئا. كقولنا : «أليس ب ، وكلّ ب ج» ، فإنّه لا ينتج أصلا.
والسّفسطة فيه بما أفدناك ظاهرة ؛ فإنّه ليس فى السّالب نسبة اعتبار إلى مفهوم ، بل سلب نسبة اعتبار إلى مفهوم. والاندراج المتوهّم فاسد ما لم ينقلب السّالب موجبا سالب المحمول.
ألسنا قد ألقينا عليك فيما سلف : أنّ عقد الوضع تركيب تقييديّ مشير إلى تركيب حملىّ ، ففى قولنا : «ليس أب ، وكلّ ما ليس ب ج» ، لم يحمل فى الصّغرى : «ليس ب» على شيء ، بل إنّما قطع حمل ب على أ ، ورفع هو عنه ، وليس يصدق بحسب ذلك «ليس ب» على شيء ، إلاّ إذا رجع وحكم به (١) على شيء بالإيجاب ؛ وفى الكبرى حكم على ما حمل عليه «ليس ب» على المساوقة لتركيب
__________________
(١). انتهى النسخة المخطوطة فى مكتبة جامعة طهران ، رقم المجموعة ٢٦٦.