حملىّ صادق. فكيف يندرج «أ» فيه ما لم يحكم عليه ب «ليس ب» بالإيجاب. فإذن ، إنّما يندرج الأصغر فى الأوسط لو قيل : «أهو ليس ب ، لا أليس هو ب».
ولمّا تأصّل أنّ الجهة لا تتغيّر باختلاف نسبة العقد إيجابا وسلبا ، كما العنصر بذلك لا يتغيّر ؛ تمحّقت تطويلات المشّائيّة بالتّعمّقات فى نقائض العقود بحسب الجهات المختلفة ، وتنطّقت حكمة الميزان بالخلوص عن تشويش الزّوائد والنّقاء عن فضول الإطنابات.
<١٤> حكمة إشراقيّة ميزانيّة
وممّا حاولت به الإشراقيّة تنقية حكمة الميزان وتصفية صناعة البرهان ردّ قاطبة العقود المستعملة فى العلوم بحسب الكيف والكم والجهة إلى الموجب المحيط الضّرورىّ البتّان بعقد موجب سالب المحمول بعد كلّ سالب وحذف مرسل كميّة الموضوع بإسقاط المراسيل ، لما بيّن فى أساسات التّعاليم أنّ مرسلات العلوم محيطات ، وقلب الجزئيّة محيطة بتسمية الأبعاض المحكوم عليها فى الجزئيّات بأسماء معيّنة ، ثمّ الحكم على عنوان المسمّى بذلك الاسم على الإحاطة بالقياس إلى جميع أفراده وحذف مهمل الجهة بتوجيه المطلقات ؛ لما وضع فى اصول التّعاليم : أنّ المستعملات فى العلوم وإن كانت مطلقات من حيث الصّورة (٦١) ، فهى موجّهات ، بل ضروريّات من حيث المعنى ، وحصر مطلق الجهة فى الضّرورة البتّانة ، لكون كلّ عنصر ضروريّا لذى العنصر.
فلمّا كان الواجب إذا جعل موضوعا ونسب إليه وجوبه وجد أنّه ضروريّ له ، وكذلك الممكن إذا نسب إمكانه إليه كان ضروريّا له. وكذلك الممتنع امتناعه ضروريّ له. فكان الأولى جعل الجهات من الوجوب وقسيميه أجزاء للمحمولات حتى تصير العقود على كافّة الأحوال ضروريّات ، فنقول :
كلّ إنسان بالضّرورة هو ممكن أن يكون كاتبا ، أو بالضّرورة يجب أن يكون حيوانا ؛ أو بالضّرورة يمتنع أن يكون حجرا. فهذا هو العقد الضّرورىّ