مستحيلان ، لأنّ سلب تأثير الغير فيه أمر مغاير لذاته ، وكون الشّيء بسبب الغير واجبا بذاته أو ممتنعا بذاته غير معقول. ولا يتأتّى أن يستتمّ لو حوول بتتميمه ما قد تلوناه عليك بعد أن تتعرّف أنّ الإمكان الذّاتىّ هو أنّ الشّيء إذا اعتبر بذاته من غير التفات إلى شيء آخر وراء نفسه كان حقّ التّجوهر واللاّتجوهر بالقياس إلى حقيقته ، وحقّ نسبة الوجود والعدم إلى ذاته سلب الضّرورة لا بعليّة واقتضاء منه لذلك ، بل لعدم اقتضاء منه للضّرورة.
كما أنّ الوجوب بالذّات هو كون الشّيء بحيث إذا أخذ بذاته من غير التفات إلى غيره كان حقّه أنّه ضرورىّ التّجوهر وأنّه يجب له الوجود بذاته ، لا باقتضاء من ذاته لذلك. وكذلك الممتنع فى ذاته ضرورىّ اللاّتجوهر وواجب عدمه بذاته لا باقتضاء منه.
ومن حيث تعرّفت أنّه لا يكون إمكان خاصّىّ بالغير تحصّلت أنّه كذلك الإمكان العامىّ لا يكون بالغير ، بل إنّما بالقياس إلى الغير ، سواء كان الممكن العامىّ بالقياس إلى الغير واجبا بالذّات أو ممكنا بالذّات أو ممتنعا بالذّات.
<٦> شكوك امتحانيّة وحلول برهانيّة
ولعلّك تقول : أليس الماهيّة من حيث هى ليست إلاّ هى ، على أن يصحّ سلب كلّ ما ليس من جوهريّاتها عنها من تلك الحيثيّة وسلب الضّرورة من عوارض الماهيّة لا نفسها ولا من جوهريّاتها.
فكما أنّ الحيوان من حيث هو هو ، أعنى طبيعة الحيوان المرسل بما هو حيوان مثلا ، كما يسلب عنه الكتابة من تلك الحيثيّة كذلك يسلب عنه سلب الكتابة أيضا من تلك الحيثيّة ، لكونهما جميعا من العرضيّات اللاّحقة ، فكذلك كلّ ماهيّة إمكانيّة يصحّ سلب ضرورة الطرفين وسلب سلب ضرورة الطرفين عنها من حيث هى ، وكذلك سلب كلّ ما ليس من جوهريّاتها.
فإذن ، الإنسان من حيث هو إنسان مثلا ، كما أنّه ليس بواجب بالذّات