وبين اقتضائها الطبيعة المرسلة ؛
لكنّ الممكن يستحيل أن يقتضي امتناع كلّ عدم بخصوصه بالنّسبة إلى ذاته ، بل يجب أن لا يأبى بذاته نحوا ما من العدم بخصوصه ، كما أنّه بذاته لا يأبى طبيعة العدم المرسل لا بشرط شيء ، وإلاّ يلزم أن يقتضي امتناع طبيعة العدم المرسل وإن لم يكن بالذّات ، بل من جهة اقتضاء امتناع جميع العدمات الخاصّة ، فيكون يستلزم بذاته تساوق نقيض تلك الطبيعة ، أعنى الوجود. فإذن تكون ذاته كافية فى اقتضاء الوجود ، وهو من الطبائع الإمكانيّة الباطلة فى أنفسها. وهذه المسألة وإن كانت كشرطيّة مقدّمها من الفروض الامتحانيّة ، فربما تجدها من آلات الخبريّة إلى الفتاوى البرهانيّة.
<١٣> إضاءة برهانيّة
فلاسفة الفلسفة العاميّة ، الّتي ليست هى الحكمة بالحقيقة وإنّما هى مسخ الحكمة ، يظنّون أنّ الوجوب بالغير والامتناع بالغير قد ينقلب كلّ منهما إلى الآخر بحسب أفق الزّمان لوجود الحوادث الزّمانيّة بعد العدم وعدمها بعد الوجود.
وأمّا الحكمة الحقّة النّضيجة التى أوتيتها من فضل ربّى ورحمته ويشبه أن تكون هى طبخا للفلسفة اليونانيّة ، فسبيلها أنّ انقلاب أحدهما إلى الآخر إنّما هو فى وعاء الدّهر ، لوجود الحوادث الدهريّة ، وهى جميع الممكنات هناك بعد العدم الدّهرىّ ويتعيّن الامتناع بالغير بالانقلاب إلى الوجوب بالغير دون العكس. وأمّا بحسب أفق الزّمان فلا انقلاب لأحدهما إلى الآخر أصلا. بل إنّما اختصاص لكلّ منهما بشرط من الزّمان إن لم يكن الوجود أو العدم الزّمانىّ دائما دواما زمانيّا مستوعبا لجميع الأزمنة.
<١٤> إحضار
إنّ ثلّة من الأوّلين فى الفلسفة يأخذون الوجوب بمفهومه والإمكان