نفسها وبما هى ليست فى الوجود ، أى من حيث ليسيّتها ومن جهة انتفائها ، بل إنّما من جهة أنّ هذه الذّات المتقرّرة ليست بنفسها ضروريّة التّقرّر ولا ضروريّة اللاّتقرّر ، وليست ضروريّة الوجود ولا ضروريّة العدم ؛ فصدق الإمكان على الممكن المعدوم ليس من حيث انتفاء ذاته ، بل إنّما حين ما يتقرّر فى العقل ويلحظ من حيث حال ذاته المتقرّرة فى نفسها إمّا فى الأعيان أو فى ذهن ما ، فهو سلب فى تقرير ، لا سلب فى انتفاء.
وبالجملة ، هو يجتمع مع الماهيّة والوجود ، ويصدق على الماهيّة الموجودة فى حال وجودها أنّها ليست ضروريّة الوجود الّذي هى محفوفة به ولا ضروريّة العدم ، فكيف يكون عدميّا ، وأمر العدم بخلاف ذلك ؛ فإنّه ليسيّة الذّات وانتفاؤها. وإنّما يصدق على الذّات بما هى ليست ، لا بما لا تكون ليسيّة ما حال نفسها المتقرّرة وشأنها.
فإذن ، الإمكان بالقوّة أشبه منه بالعدم ، فإنّه قوّة فى الذات المتقرّرة ، ولكن بالقياس إلى نفس الذّات المتقرّرة ، لا بالقياس إلى ما وراءها فقط ممّا يصحّ لها من الكمالات والعوارض ، كما هى شاكلة سائر أقسام القوّة. ولذلك يكون للذّات بحسب هذه القوّة معنى ما بالقوّة بحسب الذّات ، وبحسب سائر الأقسام معنى ما بالقوّة.
وقد كنّا أوضحنا لك الفرق فى سالف الكلام وعلّمناك أنّ ممكنا ما لا يكون عروا من معنى ما بالقوّة ؛ سواء كان من الأنوار العقليّة والمفارقات النّوريّة أو من عالم الظلمات ؛ بخلاف معنى ما بالقوّة ؛ فإنّ عالم الأنوار المفارقة متبرّئ السّاحة عنه ، والامتناع ضرورة عدم الذّات المقدّرة التّقرّر ، كما كنت تعرّفت من قبل.
فإذن ، هذه الأمور اعتبارات عقليّة فى الذّوات المتقرّرة على التّحقيق أو على التّقدير ؛ بخلاف الأعدام ؛ إذ هى اعتبارات انتفاء الذّوات والمفهومات من حيث هى ليست ، والإمكان الذّاتىّ الّذي هو منها ويعمّ قاطبة الحوادث الذّاتيّة غير الإمكان المختصّ بالحوادث الزّمانيّة فقط ، حيث ما يتلى عليك أنّ كلّ حادث