بحسب حاجة الحقيقة المتقرّرة واستغنائها.
فإذن ، يمتنع احتمال القسم الأوسط بعد تعرّف طباع المعلوليّة بحسب حكم الفطرة لا بوسط آخر يؤدّى إليه ؛ فإنّ كون الموجود إمّا هو معلول وإمّا ليس هو بمعلول انفصال حقيقىّ فطرىّ.
وهذا التعرّف وإن كان محفوفا بأن يكون هو ما يعنى بالفحص البالغ ، لكنّ أكابر القوم وأفاضل العشيرة ليسوا يعنون به ذلك ؛ بل إنّما البرهان القاضى بأنّ الشيء لا يمكن أن يكون علّة مقتضية لوجوده الّذي هو وراء ذاته ، وأنّ وجود الشّيء يمتنع أن يكون من لوازم ماهيّته. والبرهان الّذي يقضى بذلك وإن كان قويّا فى حكمه تامّا فى قضائه إلاّ أنّ تثنية القسم وإخراج أوسط الأقسام عن حيّز الاحتمال ممّا ليس يحوج إلى تحكيمه ورفع القضيّة إليه ؛ بل يتبيّن بتعرّف طباع المعلوليّة وفاقريّة المعلول إلى أن يكون جوهر ذاته من الجاعل ، فضلا عن الوجود الّذي هو وراء ذاته ومن اللّواحق المتأخّرة ؛ وأنّ الّذي يتعالى عن طباع المعلوليّة ؛ فإنّ حقيقة ذاته المتقرّرة بنفس ذاته ، لا باقتضاء ذاته ، [فيكون هو الوجود بنفس ذاته ، لا باقتضاء ذاته].
وإنّما غرضنا الّذي رمناه هو التّنبيه على هذه الدّقيقة الّتي عنها الجمهور فى ذهول عريض وفى غفلة واسعة ، لا أنّ بطلان ذلك المحتمل من الفطريّات الغنيّة عن الفحص والبرهان.
<٢٢> تكملة
ما كنت تسمع من الوجوب الّذي هو كيفيّة تجوهر ذات الموضوع وكيفيّة وجوده فى نفسه ، أو كيفيّة نسبة المحمول إلى الموضوع غير ما نحن ملقوه الآن على سمعك ، من الوجوب الّذي هو واجبيّة القيّوم الواجب بالذّات ـ جلّ مجده ـ وهو نور قائم بذاته متقرّر بنفسه لنفسه هو وجود وموجود ووجوب وواجب ، وعلم وعليم وقدرة وقدير.