بسبب به. فكما أنّه ليس لتقرّره ووجوده سبب به ـ وقد استوضحته ـ فكذلك ليس يصحّ أن يكون لذاته سبب منه ، ولا أن يكون له سبب عنه أو سبب فيه أو سبب له ، بل لا سبب له أصلا ، وهو مسبّب الأسباب على الإطلاق من غير سبب.
أليس إذا نظرت إلى ما يأتلف جوهر الذّات منه ومن غيره وجدت الذّات فى جوهرها فاقرة إليه ، لا على أنّها أثره الصّادر منه ، بل على أنّها ذات سنخها هو مجموع ذلك الشّيء وذلك الغير.
فجوهر الذّات بعينه هو جوهر ذينك الشّيئين. فبالضّرورة الفطريّة يتقدّم كلّ منهما فى التّجوهر على المتجوهر الّذي هو مجموع المتجوهرين تقدّما بالماهيّة أو بالطبع (٨٣).
فإذا كانا من الأجزاء العينيّة ، كالمادّة والصّورة الخارجتين ، كان قوام جوهر الذّات بهما بحسب خصوص الوجود فى الأعيان ؛ وإن كانا من الأجزاء العقليّة ، أى المادّة والصّورة العقليّتين ، كان قوام الحقيقة بهما بحسب خصوص ما يتمثّل فى لحاظ العقل فقط. وكلّ من القبيلتين يتقدّم على الكلّ تقدّما بالطبع ، لا بحسب سنخ حقيقة الكلّ وجوهر ماهيّته ، بل إنّما بحسب خصوص وقوع تلك الحقيقة فى الأعيان أو فى الذّهن ، وإن كانا من الأجزاء المحمولة ، أعنى أجزاء الحدّ ، لا أجزاء الماهيّة على الحقيقة وكان منهما تجوهر سنخ الحقيقة ، وكان كلّ منهما يتقدّم على سنخ جوهر الحقيقة تقدّما بالماهيّة.
فإذا كان يفرض أنّ لحقيقة القيّوم الواجب بالذّات مبادى قد ائتلف منها جوهر الحقيقة إمّا فى الوجود أو بحسب اللّحاظ التّحليلىّ كان تقرّر الحقيقة لتلك أقدم من تقرّر الحقيقة له ، وكانت حقيقته المتأخّرة فاقرة إلى حقائق متقرّرة قبلها ، وإن كانت القبليّة الواقعة فى نفس الأمر متحققة فى لحاظ العقل ، فلم يكن ما فرض متقرّرا واجب التّقرّر بنفسه متقرّرا بنفسه ، بل متقرّرا بتقرّرات أشياء متقرّرة تلحق تقرّراتها ذلك المفروض.
ثمّ كلّ من تلك الأشياء : (١) إمّا أن يكون متقرّر الحقيقة بذاته ، فيكون هناك متقرّرات واجبات التّقرّر بذواتها. فهى لا محالة قيّومات واجبات بالذّات. فإذن لم