فليس يمكن أن يكون متعلّق الحقيقة والوجود بشيء أصلا ، ولا مادّة يستحيل هى إليه ، ولا موضوع أو محلّ يوجد فيه ، ولا صورة يتلبّس هو بها ، ولا غاية يكون هو لها ؛ بل هو الغاية لكافّة الماهيّات وقاطبة الإنّيّات وجملة الحقائق وجميع الوجودات.
فإذن ، القيّوميّة الواجبيّة بالذّات مساوقة للبساطة الحقّة الخالصة المطلقة ، والقيّوم الواجب بالذّات أحد بسيط حقّ ، تمجّد عن أن يتعلّق بسبب أصلا. فإذن ، قد انكشف أنّه ليس له سبب به ، ولا سبب منه ، ولا سبب عنه ، ولا سبب فيه ولا سبب له ؛ وهو مسبّب الأسباب من غير سبب.
وهذا التّبيان الأقاصىّ القدسىّ ، بحيث يقع بإزاء جملة ما ريم بالقصد فى هذه المسألة، ولا يكون يجوج إلى تبيين أنّه لا قيّوم واجب الوجود فى التّقرّر والوجود إلاّ واحد ، حتى إذا اخذت هذه المسألة فى تبيان ذلك الأصل كان تهيّئا لمتحيّن أن يقول : إنّ الأمر قد دار ، ولم يتحقّق لجمهور العشيرة الفلسفيّة من الرّؤساء والأتباع إلى الآن ، وهو كجملة نظائره من الحكمة النّضيجة الّتي أوتيتها من فضل ربّى ورحمته.
<٥> تقديس
كما أنّ القيّوم الواجب بالذّات أحديّ الذّات ، وليس مزدوج الحقيقة ، إذ ليس هناك كثرة بالفعل ولا صحّة الخلال إلى شيء وشيء ، بل هو البسيط الحقّ والبساطة الصّرفة ، فكذلك يمتنع أن يكون ذاته جزءا من حقيقة ما متأحّدة ومزدوجة ، يتألّف منه ومن غيره. وكيف يتحصّل حقيقة وحدانيّة من واجب التّقرّر والوجود بذاته وممّا ليس له تقرّر ووجود ، ولا تقرّر ولا وجود فى حدّ ذاته. وهل يسع طباع الفطرة الإنسانية أن يتصوّر ذاتا وحدانيّة من ازدواج الفعليّة الحقّة والقوّة المحضة.
<٦> تبصير تقديسيّ
ألست قد تحصّلت ، من قبل ، أنّ لازم الماهيّة إنّما علّة كونه للماهيّة هى نفسها