الأشياء وإن كان حقّه بحسب نفس الأمر أن لا يكون عروا من أحد النّقيضين لا بعينه بحسب نفس الأمر. لكن ليس حقّه بحسب نفس الأمر أن يكون له بجوهره إمّا وجوب أحد النّقيضين لا بعينه أو امتناعه ؛ بل إنّما ذلك قسط بحسب نفس الأمر من تلقاء تحقّق السّبب الموجب ولا تحقّقه ومن تلقاء أن يؤخذ من حيث إنّه معتبر ، إمّا مع الفعليّة أو مع البطلان.
فإذن ، لزوم الإمكان الذّاتىّ على كلّ حال بحسب جوهر الماهيّة ولزوم أحد الغيريّين، لا بعينه ، فى نفس الأمر بحسب إيجاب العلّة وجودا أو عدما ، لا بالخصوص ، وبحسب شرط الفعليّة أو البطلان لا بالخصوص. كما أنّ تحقّق أحدهما بعينه فى نفس الأمر بحسب إيجاب العلّة وجودا أو عدما بالخصوص وبحسب شرط الفعليّة أو البطلان بالخصوص.
<٢>استصباح أسطرلابيّ
كأنّك إذن قد تعرّفت من تلقاء تعريفاتنا البرهانيّة سبيل أن يقال : كما أنّ وجوب التّقرّر والوجود بالذّات منار البساطة والأحديّة ومساوق الفرديّة والوتريّة ، فكذلك الإمكان الذّاتىّ شقيق التّركّب والازدواج وسبيل التّشافع والامتزاج ، وأنّ كلّ ممكن زوج تركيبىّ. ألست قد دريت أنّ كلّ ممكن فإنّه يحلّله العقل إلى جنس وفصل ، ثمّ إلى ماهيّة وإنيّة. وهذا الأخير يستوعب عمود الإمكان ويستغرق جملة الطبائع الإمكانيّة حتّى الأجناس العالية وفصول الأنواع البسيطة ، وقد تبرهن فى سالف القول : أنّ الوجود خارج عن كلّ ماهيّة ممكنة ، زائد على كلّ طبيعة إمكانيّة. فإذن ، ما من ممكن إلاّ وهو غير بسيط الحقيقة.
فإن أزعجك صرف النّظر إلى كلّ من الماهيّة والوجود ، فقلت : ما شأن هذا الحكم بالنّسبة إلى كلّ منهما ، إذ لم يتطرق تحليل آخر إلى سنخ طبيعة الفصل البسيط مع عزل النّظر عن الوجود (٩٠) ولا إلى وجوده مع عزل النّظر عن سنخ الطبيعة. وكذلك إلى طبائع الأجناس العالية ووجوداتها. فكيف يؤخذ الحكم الكلّىّ