المستند إليه ، وهذا التزييف يستوعب جملة ما اتفق لهم تلفيقه ، وقلّ ما فى الأقوال الملفّقة يسلم منه.
<١١> ظلامات وإزاحات
من النّاس من استحلّ أن يقال : قد يكون الوجود أولى من العدم بالنّظر إلى ذوات فرقة الممكنات ، وليس يوجب ذلك خروجا عن حيّز الافتقار إلى العلّة ، لكونها مع ذلك فى حدود بقعة الإمكان ، إذ ليست تلك الأولويّة مبلغها البلوغ حدّ الوجود ، بل إنّما يستوجب الممكن بذلك أن يكون أكثرىّ الوقوع ، ولكن بإيجاب العلّة وإفاضة الفاعل أو أشدّ وجودا عند الوقوع أو أقلّ شرطا للوقوع. وفى الخليقة من يظنّ هذا الظّنّ فى طرف العدم بالنّسبة إلى طائفة من الحقائق بخصوصها وآخر بالنّسبة إلى قاطبة الممكنات ، لكون العدم أسهل وقوعا.
وربما كان فى الفئة الغير المحصّلة من الفلاسفة من يتقوّل هذه الأقاويل فى تشويش الفلسفة وعند غير أبناء الحقيقة من الفئة الاخرى المتسمّية بالمتكلمين الواقع من الطرفين أولى.
وقد يتشبّث : بأنّ الموجودات السيّالة ، كالأصوات والأزمنة والحركات ، لا شكّ أنّ العدم بها أولى ، وإلاّ لصحّ بقاؤها ويصحّ الوجود أيضا عليها ، وإلاّ لما وجدت أصلا. فإذن قد وجدت أمور يصحّ عليها الوجود والعدم ، ومع ذلك يكون العدم بها أولى ، ثمّ إذا جاز ذلك فى جانب العدم فليكن جوازه فى جانب الوجود أولى.
وبأنّ العلّة قد توجد ثمّ يتوقف إيجابها معلولها على تحقق شرط أو انتفاء مانع. ولا يرتاب فى أنّ تلك العلّة الأولى بها اقتضاء المعلول ، وإلاّ لم تتميّز العلّة عن غير العلّة. فإذن تلك العلّة يصحّ عليها الإيجاب وعدم الإيجاب معا ، مع أنّ الإيجاب أولى بها من عدمه. فليكن الوجود أيضا بالنّسبة إلى الماهيّة على ذلك السّبيل ، فيكون ذلك الوجود أكثريّا ، لا دائما ، كما فى الإيجاب.
فمن العلل ما اقتضاؤها لمعلولاتها أكثرىّ ، لا دائم ، كطبيعة الأرض ؛ فإنّ