<٦> قسطاس عقلىّ
مناط سنخ الفرديّة إنّما هو طبيعة القيد بما هى طبيعة القيد وخصوصيّات القيودملغاة فى ذلك ، إنّما خصوص القيد مناط خصوص الفرديّة ، أى كونه ذلك الفرد بخصوصه ، ولا يتعلّق به طبيعة الفرديّة ، أى : كونه فردا.
ولنلحظ ما هو أخصّ من طبيعة ولنضعه نوعا منها ، كالإنسان من الحيوان ، فنجده إنّما نوعيّته من حيث إنّه تلك الطبيعة من فضل ، لا من حيث تخصّصه بخصوصيّة بعض الفصول ، كالنّاطق ؛ فإنّ ما هو من تلقاء تلك الخصوصيّة إنّما هو خصوصيّة هذه النّوعيّة ، لا طبيعة النّوعيّة بما هى نوعيّة. والطّبيعة وإن كانت عين الفرد (١٦) بحسب أنحاء الوجود جميعها إلاّ أنّ للعقل أن يأخذها تارة من حيث التّعيّن واخرى من حيث الإبهام ، ويضع بينهما اثنينيّة ما ، إذ الفرد وإن كان فى تلك الملاحظة أيضا مخلوطا بالطّبيعة بحسب نفس الأمر ؛ لأنّها لا بشرط شيء لم تأب فى ذاتها أن يكون معها شرط شيء أو لم يكن. فيتحقّق بوجود الطّبيعة بشرط شيء أينما وجدت ولو فى هذا النّظر.
لكن هذا اللّحظ لمّا كان اعتبارا للطّبيعة بشرط شيء من حيث خصوص تعيّنها حتى يكون أصل الطبيعة لا بشرط شيء مفصولة عنها ريثما تلحظ بذلك اللّحظ ، صحّ أيضا أن يحكم عليهما بالتّعرية فيه بحسبه ، فيشبه أن تكون تلك الملاحظة ظرف الخلط والتّعرية باعتبارين على مضاهاة ما سلف فى تحصيل ظرف عروض الوجود للماهيّة.
فإن احتفّ بك الوهم فظننت : أنّه استوجب أن يتحقّق المقيّد دون المطلق والفرد دون الطبيعة.
قيل لك : ألست فى مندوحة من ذلك بلحاظ أنّ هذا النّظر وإن كان من أنحاء نفس الأمر ، لكن تلك أوسع من هذا. واللاّزم تحقّق الفرد دون الطّبيعة فى هذا لا بحسب تلك ، والخرق فى ارتكاب ذاك دون ذا أو بتذكّر ما سلف.