إن كنت قد حصّلت أنّ هذا اللّحاظ إنّما يكون من أنحاء نفس الأمر من حيث أنّه وجود لا بتعمّل العقل ، اتّفق أن صار ذلك عينه ، لا من حيث خصوصيّة الاعتبار. وتحقّق الفرد دون الطّبيعة فيه إنّما هو من حيث خصوصيّة الاعتبار ، لا بالاعتبار الأوّل. وهذا أصل غامض يدرك بشحاذة السّجية وثقافة القريحة.
<٧> إيماض
أليس إذا وجد شيء فى الأعيان أو فى الذّهن كان وجوده بعينه لجميع ذاتيّاته حقيقة من حيث إنّها عينه بالذّات ولجميع العرضيّات الصّادقة عليه من حيث إنّه تلك الامور بالعرض وإن لم تكن إيّاها من حيث الذّات ، فينسب وجوده إليها وتكون هى متحدة معه ، بمعنى أنّها موجودة بوجوده بالعرض. ولذلك ما يصحّ الحكم بأنّ الأبيض والأعمى فى الدّار إذا كان فيها زيد مثلا ، ويسرى الحكم على الطبائع العرضيّة ، كالأبيض والأعمى إلى الأفراد بالعرض ، كزيد وعمرو ، مثلا. فإذن ، حقيقة مطلق الحمل مطلق الاتحاد فى الوجود أعمّ من أن يكون بالذّات أو بالعرض ، وهو مفاد الهيئة التّركيبيّة الحمليّة.
ولمّا كان الشّيء أحقّ بأن يكون عين ذاتيّاته منه ، بأن يتّحد هو وعرضيّاته ، والاتّحاد بالذّات اولى بإطلاق الاتحاد عليه ، كان معنى الهو هو من الطبائع المقولة على جملة ما يقال عليه بالتّشكيك.
وإذا كان مناط الحمل ومصحّحه هو الاتّحاد فى الوجود ، فاتّحاد الطبيعة والفرد يصحّح حمل كلّ منهما على الآخر ، لكنّ حمل الطبيعة على ما هو فرد لها بالذّات ، كالحيوان على الإنسان ، حمل بالذّات ؛ وإذا انعكس كان حملا بالعرض ، لكون الفرد خاصّة للطبيعة خارجة عن قوام حقيقتها.
فإن اوهم : أنّ فيه إعضالا ، لأنّ هناك وجودا واحدا بعينه يوجد كلّ منهما به