<٨ > إرشاد
معيار الحمل فى الذّاتيّات أن ينسب وجود ذى الذّاتىّ إليها بالذّات ، لا من حيث إنّها أبعاض الأمر الواحد الموجود ، وفى العرضيّات أن ينسب إليها وجود المعروض بالعرض من حيث إنّه هى ، لا من حيث إنّها أبعاضه.
فحيث يكون اتّحاد لا على أن يكون الوجود لكلّ من الأمرين من حيث إنّه شيء برأسه ، وهو عين الآخر فى الوجود ، بل على أنّ بعض الموجود الواحد لا ينفرز عنه بالوجود لا يكون حمل أصلا ، كما فى الأجزاء المقداريّة ؛ فإنّها موجودة بعين وجود المتّصل الواحد.
لكنّ موجوديّتها بعين وجود المتصل ليست من حيث إنّها أمور موجودة برءوسها اتّفق أن كان وجودها عين وجود ذلك الواحد ، كما فى الطبائع المحمولة ، بل إنّما من حيث إنّها أبعاض الموجود الواحد ، فلا تغاير هناك بحسب الوجود ولا حمل.
وبالجملة ، لا يستوى أن يتّحد شيئان فى الوجود وأن يكون الموجود فى نفسه واحدا وحدانىّ الذّات ، والوجود لا ينفرز بعضه عنه بالوجود. والمعتبر فى معيار الحمل هو الأوّل. ومن عنه فى غفول يسرد ما لا يستعذبه مذاق الحكمة.
<٩> إفصاح
أما تعرّفت أنّ الوجود ليس إلاّ نفس الموجوديّة الّتي ينتزعها العقل من الماهيّات ونفس تحقّقها بالمعنى المصدرىّ ، ولا يثبت له فرد يقوم بالماهيّة سوى الحصص المعيّنة بالإضافة أو بالوصف ، كالوجود الّذي لا سبب له ، والوجود المطلق ليس له خصوصيّة إلاّ الإضافة إلى ما ينتزع هو منه ، ولا تخصّص إلاّ بتلك الإضافة ، لا قبلها.
فاستشعر ، إذن ، أنّ الماهيّات المتباينة لا تتّحد فى الوجود ، وكيف ينتزع من