إحداها ما ينتزع من الاخرى مع اختلافهما ويقوم المنتزع بالإضافة إلى ما ينتزع هو منه. ولذلك ما إنّهم يحكمون بأنّ الواحد بالاتصال لا يختلف بالطبيعة ، كالماء ، مثلا ، لا يكون بينه وبين ما يخالفه فى الحقيقة وحدة بالاتصال ، بل إنّما وحدة بالتّماسّ. والقسمة الوهميّة أو الفرضيّة إنّما تكون إلى امور متّحدة فى الماهيّة مشابهة للكلّ فى الحقيقة ، يبنون عليه إبطال مذهب ذيمقراطيس فى مبادى الأجسام ، فلا تصغ إلى من ينكر الحقّ ، فإنّه مخاصم العقل وعدوّ الحكمة.
وإذ سطح البرهان ، فلعلّك إذا استقصيت دريت أنّ اتّحاد الموضوع والمحمول فى الوجود الّذي هو مناط الحمل لا يتحقق إلاّ إذا كان حقيقتهما واحدة بالذّات متغايرة بالاعتبار ، لأنّ الوجود ليس إلاّ نفس المعنى المصدرىّ المنتزع من الماهيّات المختصّ بالإضافة إليها لا قبل ، فكيف يتصوّر اتّحاد الحقائق المتباينة بالذّات بحسبه.
فحقيقة الموضوع والمحمول إن كانتا متّحدتين بالذّات ، كالإنسان والحيوان ، استتبع ذلك أن يتّحدا فى الوجود أيضا كذلك ، فيصحّ الحمل بالذّات ؛ وإن كانتا اتّحادهما بحسب الحقيقة بالعرض ، كما فى الإنسان والأبيض استتبع ذلك اتّحادهما فى الوجود أيضا كذلك ، فيكون الحمل بالعرض ، وكأنّ الجمهور عن هذه الدّقيقة لفى ذهول.
<١٠> ضابط تفصيليّ
ميزان تصحيح الحمل مطلقا هو صحّة انتزاع المعنى المصدرىّ (١٨) كالإنسانيّة والموجوديّة والزّوجيّة والأبيضية والفوقيّة والعمى والممكنيّة.
ومبدأ الانتزاع ـ أعنى ما يؤخذ منه ذلك المعنى ، وهو المحكىّ عنه ويقال له مصداق الحمل ومطابق الحكم ـ إمّا نفس ذات الموضوع بذاته من غير لحاظ حيثيّة غير الذّات أصلا. كالإنسان ، من حيث هو هو ؛ أو نفس ذات الموضوع من غير أن