يتخلل بينها وبين المعنى المصدرىّ المنتزع منها معنى ما أصلا ، ولكن لا من حيث هى هى بنفسها ، بل من حيث جعلها الجاعل وأبدعها ؛ كنفس ماهيّة الإنسان من حيث هى مجعولة ، أو ماهيّة الموضوع ومعنى ما يلحقها فى لحاظ العقل من حيث هى تقتضيه ، كالأربعة.
ومعنى الانقسام إلى المتساويين بما هى تقتضيه بنفسها من حيث هى هى ، أو ذات الموضوع وعرض ما يلحقها لحوقا قياميّا انضماميّا كذات الجسم والبياض القائم بها بعلّة توجب ذلك ، أو ذات الموضوع ووقوعها بالقياس إلى شيء ما على نسبة بعينها وحالة بخصوصها ، كالسّماء وما هى عليه من الأحوال بالقياس إلى الأرض ، أو ذات الموضوع وانتفاء شيء ما عنها ، كزيد ، مقيسا إلى البصر المسلوب عنه مع صلوحه له بالقوّة النّوعيّة والماهيّة مقيسة إلى ضرورتى الوجود والعدم المسلوبتين عنها.
فإذا انتزعت هذه المفهومات المصدريّة صدق حمل الإنسان والموجود والزّوج والأبيض والفوق والأعمى والممكن وطابق الحكم بها على الموضوعات مبادى تلك الانتزاعات.
ثمّ مناط حمل المشتق قيام المبدأ إمّا بنفسه ، وهو قيام مجازيّ ، مرجعه سلب القيام بالغير ، كما فى حمل الموجود على الأوّل الواجب بذاته تعالى ؛ أو بالموضوع على أنّه غيره ، وهو قيام شيء بشيء حقيقة ، إمّا انضماما ، كما فى حمل الأبيض على الجسم وإمّا انتزاعا.
وهو أيضا : إمّا على أن يكون معنى ما ملحوظا مع الموضوع يستتبع أن ينتزع المعنى المصدرىّ الّذي هو ميزان صحّة الحمل ، كما فى حمل الفوق على السّماء ، أو على أن لا يكون أمرا ما يلحظ مع الموضوع غير ذلك المعنى المصدرىّ أصلا ، بل يكون هو هو بعينه ، ولا يتصوّر شيء آخر يدخل مع ذات الموضوع فى مصداق الحمل ويتمّمه ، كما فى حمل الإنسان على ذات الإنسان والموجود على نفس الماهيّة المتقرّرة. فاتّخذ ذلك لغريزتك الحكميّة دستورا.