<١١ > تقرير
بعض المحدقين بعرش الحكمة من رؤساء الفلاسفة الإسلاميّة يجعل الحمل الشّائع الصّناعىّ أربعة أقسام : حمل الجزء الحقيقىّ على الجزء الحقيقىّ ، كهذا الكاتب على هذا الإنسان ، وحمل الجزئىّ الحقيقىّ على الكلّىّ الّذي هو من أفراده ، وحمل الكلىّ على الكلىّ ، كما فى الطبائع المتصادقة وحمل الكلىّ على الجزئىّ الحقيقىّ الّذي هو فرد له بالذّات أو بالعرض.
ولعلّ ذوق العقل لا يأبى أن يستعذبه ، بل ربما يشيّد الفحص إعضاده بالحدس والبرهان. أليس حيث لم يكن وحدة صرفة واثنينيّة ، صرفة بل تغاير فى أحد أنحاء لحاظ العقل واتّحاد بحسب نحو آخر من أنحاء الوجود تحقق معيار الحمل ، ثمّ إنّه متكرّر من الجنبتين ومنتسب إلى الحاشيتين.
<١٢> تنبيه
لا يتصوّر ـ بحسب الحمل الأوّلىّ كما فى الجزئيّ جزئيّ ، ولا بحسب حمل الشّيء على نفسه كما فى زيد زيد ـ أعميّة لإحدى الحاشيتين أصلا ، لا العموم بحسب الأفراد ولا العموم بحسب الاعتبار. بل إنّما فى الأوّل اثنينيّة اعتباريّة غير عموميّة ، وفى الثّاني اثنينيّة إدراكيّة فقط على أن يجعل الإدراكان حيثيّتين تقييديّتين للمدرك. وفى القسمين ليس الحمل والوضع تستحقّهما الحاشيتان بحسب الطبع ، بل بحسب فعل الذّهن ولا يتحصّص جهة الاتّحاد بخصوصيّة إحدى الحاشيتين ، بل تستوى نسبتها إلى الموضوع والمحمول.
وأمّا الحمل الشّائع الصّناعىّ فيلحظ بحسبه العموم إمّا إفرادا أو بحسب الاعتبار. وجهة الاتّحاد قد يكون الموضوع بخصوصه ، وقد يكون المحمول بخصوصه ، وقد يكون شيئا ثالثا (١).
__________________
(١). مثل الإنسان كاتب ، الكاتب إنسان ، الكاتب ضاحك.