واحدة. ونسبة هذه الأزليّة إلى جميع الأزمنة نسبة العلوم الكلّيّة المجرّدة إلى الأمكنة.
(٢) وأمّا الأزل الزّمانىّ فهو جملة المتمادى من الزّمان فى جهة المضىّ الزّمانىّ بحيث لا يتقدّمه زمان أو شيء آخر زمانىّ أو آنيّ أصلا ، وبالجملة أزمنة متمادية فى جانب الماضى بحيث لا يكون فى الوجود أو فى الوهم زمان يكون هو قبل تلك الأزمنة ولا يكون أيضا قبلها آن ، كما سيصرّح إن شاء اللّه تعالى.
وبذلك يعلم حال الأبد بالمقايسة إلاّ أنّ الأبد السّرمديّ ، لا يخالف الأزل السّرمديّ إلاّ بنحو من الاعتبار ، والأزليّة والأبديّة السّرمديّتان لا تتغايران بالمعنى إلاّ بالاعتبار ، ولا يتصوّر بينهما امتداد واختلاف. ولا يمكن أن ينفصل إحداهما عن الاخرى لا فى الوجود ولا فى الوهم.
والأبد الزّمانىّ جملة من الأزمنة المتمادية فى جهة الاستقبال ، إذ حيث لا يكون زمان آخر بعد تلك الأزمنة ، فهو غير الأزل الزّمانىّ بالمعنى ويخالفه فى الجهة ومنفصل فى الوهم امتداده عن امتداده.
والزّمان لا يجب أن ينتهى فى جانب الأبد إلى حيث لا يلحقه شرط آخر منه. فتمادى اتّصاله فى جهة الأبد سيّال غير واقف عند حدّ بعينه ؛ وأزليّة البارى تعالى وأبديّته معنى واحد هو بعينه دوامه السّرمديّ. فهذا سبيل طبخ الفلسفة ونضح الحكمة.
<٤> شعاب
المتهوّسون بقدم بعض الجائزات وبلا تناهى بعض المقادير من الفلاسفة يجعلون الأزل الزّمانىّ مقدارا غير متناهى الكميّة فى الماضى من الزّمان الّذي لا بداية لوجوده ، كما لا تناهي لتمادى مقداره ؛ والأبد الزّمانىّ مقدارا منه فى المستقبل لا ينتهى تماديه إلى حيث لا يستمرّ اتّصاله بعده ؛ والأزليّة استقرار الشّيء فى الأزمنة الماضية بحيث لا يكون له أوّل ، أى دوام الوجود فى الماضي ؛ والأبديّة استمراره فى الأزليّة الآتية بحيث لا يقف عند حدّ ، أى دوام الوجود فى المستقبل ؛ والسّرمديّة