الحركة صار هو على حدّ بعينه بالفعل.
فإذن ، لا يكون له على ذلك التّقدير صلوح أن يكون هو مطابق الحكم بموافاة المتحرّك للمسافة المتصلة فى زمان الحركة وقطعه إيّاها بذلك القطع المتّصل المرتسم فى الخيال، ولا أن يكون هو فى الأعيان وما بحذائه ارتسام ذلك المتصل فى الذّهن ، بل يعود ذلك الارتسام حينئذ تخيّلا اعتماليّا ، ينسحب عليه حكم الأغاليط الحسّيّة.
فإذن ، يلزم أن يكون المتحرّك بما هو متحرك قد انتقل فى الأعيان من مبدأ المسافة المتصلة إلى مقطعها فى زمان ما ، ولا يكون له بحسب ذلك فى نفس الأمر قطع ولا موافاة انطباقيّة بالنّسبة إلى تلك المسافة المتّصلة فى زمان متصل هو ذلك الزّمان. فإن سوّغت ذلك فأنت إذن من همج المتهوّكين من غاغة المتفلسفين.
<٨> إضاءة فحصيّة
أما فقهت ما القى إليك : أنّ كلّ ما تحقق حصوله فى زمان أو آن ؛ فإنّ حصوله فى ذلك الزّمان أو الآن لا يرتفع أصلا ، بل إنّما يتصوّر أن يختصّ الحصول بوقته ، فلا يتحقق فى وقت آخر ، ويكون ذلك الحصول واقعا فى وعاء الدّهر أبدا ، ولكن فى ذلك الوقت بخصوصه. فالشيء لا يمكن أن يرتفع عن زمان وجوده أو عن آن وجوده بحسب الواقع.
وسواء فى هذا الحكم أن يكون الزّمان موجودا أو موهوما. وإنّما لا يوجد فى زمان بعده ، فيظنّ أنّه قد ارتفع وجوده الحاصل. وهو ظنّ كاذب. وكذلك الموجود الباقى المستمرّ ؛ فإنّ وجوده فى كلّ جزء من أجزاء زمانه بحسب نسبته إلى ذلك الجزء بخصوصه لا يرتفع عن وعاء الدّهر وإن كان لا يتحقق بذلك الاعتبار فى سائر الأزمنة ، فيكون له بذلك الاعتبار انقطاع فى افق الزّمان ، لا فى وعاء الدّهر.
فإذن ، فاحكم أنّ الكون فى الوسط لمّا كان حاصلا فى كلّ جزء من الأجزاء